بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 أيار 2021 12:00ص هشام زين الدين لـ «اللواء»: المسرح هو آخر ما تبقّى للبشرية

من أنواع الفنون الحيّة والمحافظة عليه مسؤولية حضارية

المخرج هشام زين الدين المخرج هشام زين الدين
حجم الخط
هو مخرج ومؤلف مسرحي ومؤسس فرقة المسرح التربوي اللبناني، حاز جائزة التأليف المسرحي في مهرجان الاسبوع المسرحي في سلطنة عمان عن نصه المسرحي «هذيان آخر الليل»، وهو من مواليد قرية بطمة (منطقة الشوف اللبنانية) وهو أستاذ المسرح في معهد الفنون الجميلة وعضو الفرقة البحثية في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية، نشر العديد من المقالات والأبحاث في الصحف والمجلات اللبنانية والعربية وله مساهمات ومشاركات في عدّة مهرجانات تحكيم في لبنان والعالم العربي، ومع البروفيسور هشام زين الدين أجرينا هذا الحوار:

{ هل يفترض بالمسرح أن يقدّم بديلاً نوعياً من خلال العروض لا سيما في زمن آلاف الفضائيات والعروض المصورة، وأي نوع من أنواع المسرح يمكن أن يصمد في وجه التكنولوجيا التي باتت إحدى أهم وسائل توصيله الى الجمهور حالياً؟

- المسرح في أساس تركيبته مختبر للأفكار وللإبداع وللجماليات الفنية، وكل وسائل التواصل البصري من السينما الى التلفزيون الى كل أشكال الفيديو والتواصل الإلكتروني من خلال الصورة، كلها ولدت من رحم المسرح، فهو أبو الفنون وهذا اللقب ليس عبثياً، الأكيد أن المسرح كان ولا يزال يقدّم البديل الذي لا يمكن لأي وسيط فني آخر تقديمه وهذا سبب استمراره على مدى 2500 سنة، والأصح أن نقول أن محاولات خلق البديل هي ما نراه من أشكال تعبير آخرى طرأت على حياتنا منذ اختراع السينما وحتى اليوم لأن الثابت هو المسرح كونه الأصل، والمتغيّر هو الصورة التكنولوجية التي تطوّرت من الـ «نيغاتيف» الى الصورة الرقمية اليوم. في الشق الثاني من السؤال، حول تحديات صمود المسرح أمام التكنولوجيا التي تحاول ابتلاعه كفن عريق وتحويله الى مادة فنية تكنولوجية، أعتقد أن المعركة ليست لصالح المسرح، وهي معركة شرسة، حيث أن المسرح يقاوم منذ ثلاثة عقود تقريباً اجتياح التكنولوجيا لعالمه الإنساني العفوي الحميمي ونجح حتى الآن إلى حد كبير وتمكن من الاستمرار مستخدماً التكنولوجيا بمقدار حاجته لها فقط، لكنه لم ينهزم أمامها.

{ تحدثت في وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية عن «الجدار الخامس» الإلكتروني وأميركا سبقتنا بسبعين عاما، عندما كانت ترسل عروض برودواي المسرحية عبر تلفزيون الـ «كيبل»، أين الجديد في فكرتك؟

- ليست أميركا وحدها، بل كل تلفزيونات العالم كانت تفعل ذلك، وكانت المسرحيات الناجحة تنقل الى الشاشات لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من الجمهور لمشاهدتها، وليس لدينا أي اعتراض على ذلك، لكننا نميّز بين العرض المصور للتلفزيون وبين العرض المسرحي، أي أن العرض المسرحي هو الأساس، هو الحقيقة، والعرض التلفزيوني هو نسخة عنه، مشوّهة فاقدة للاحساس وللتفاعل الحي، نعم هي تصوّر العرض لكنها عاجزة عن نقل مؤثراته الإنسانية على المشاهد، تنقله كمعلومات بصرية وكلامية وليس كشعور وتأثير حسي وجمالي، فالجدار الخامس الذي تحدثت عنه وأطلقته كتعبير عن المأزق الذي نعيشه اليوم والمستمر مستقبلاً، هو ليس توصيفاً لوسيط نقل العمل المسرحي، بل هو توصيف للمشكلة التي تواجه الفن المسرحي، خطر الجدار الخامس الإلكتروني يكمن في أنه سيلغي المسرح كفن حي وسيستبدله بفن آخر رقمي يشبه المسرح لكنه ميت يفتقد النبض الحي الذي لا يمكن للشاشة الزجاجية أن تنقله مهما تطوّرت تقنياتها. هنا المشكلة الحقيقية وليست في تصوير الأعمال المسرحية للتلفزيون بهدف اشهارها أو عرضها على الشاشات ما دامت نسخة عن الأصل وليست بديلاً عنه.

{ ما الذي يجعل المشاهد الآن يتمسّك ببقاء المسرح، هل الموضوع أم هدف العرض أي الرسالة، أم البناء الدرامي وجمال التمثيل والإخراج؟

- لنعترف أن جمهور المسرح يتناقص، وهذه من أهم المشكلات التي يعانيها المسرح حالياً، خصوصاً في البلدان المتخلفة والتي تعاني من أزمات اقتصادية وسياسية كبلادنا، وأعتقد ان الجمهور الذي لا يزال أميناً لعلاقته بالمسرح هو جمهور نوعي، متقدّم فكرياً، يبحث عن الجديد المثير للتساؤل والبحث عن الحقائق وتحليل المعلومة والحالة الإنسانية والخروج باستنتاجات خاصة به قد تكون مفيدة له في حياته. كل مكونات المسرح من الفكرة الى المعالجة الى الهدف والرسالة والإبداع في التمثيل والاخراج، كلها عناصر متكاملة يقوم عليها البناء المسرحي الناجح الذي يبحث عنه الجمهور، هي علاقة تفاعلية بين ركني المعادلة المسرحية العرض والجمهور.

{ ما هي رؤيتكم لمسرح ما بعد كورونا وتغيّر ذائقة الجمهور نحو الفودفيل والفكاهة؟

- تختلف ذائقة الجمهور من بلد الى آخر ومن مجتمع الى آخر ومن بيئة أو فئة الى أخرى في نفس المجتمع، لذلك، فالمسألة نسبية، قبل كورونا وبعدها، فالكوميديا كانت دائماً محببة للجمهور الذي يغلب عليه الطابع الشعبي لأنها تمثل نوعاً من التنفيس وتحاكي حاجات المشاهد للاستمتاع والضحك والمرح من دون إغفال الجانب الفكري فيها حتى لو كان بسيطاً، وقد نجد في مجتمعات أخرى حاجات للمسرحيات الجادة التي تعالج قضايا إنسانية بأسلوب غير كوميدي، الخشبة تتسع لكل الأنواع والطروحات والصالة تتسع لكل أنواع الجمهور، قبل الكورونا وبعدها، لكن التحدي اليوم وغداً هو في كيفية إعادة النبض الى المسرح، العودة الى انتاج المسرحيات، عدم الرضوخ لتداعيات الإقفال القسري الذي استمر لسنتين تقريباً، معاودة النهوض من جديد، وعدم إتاحة الفرصة للهامشيين والسطحيين من مدعيي الفن والابداع لاستبدال العمل الفني المسرحي المباشر الحي التفاعلي بين الممثل والمشاهد بأي شكل آخر من أشكال التعبير المسرحي بواسطة الكاميرا والشاشات واعتبار هذا الكائن الهجين أو المهجّن مسرحاً، هذا هو التحدي الأهم اليوم وغداً وبعد سنوات، فالمسرح هو آخر ما تبقّى للبشرية من أنواع الفنون الحية والمحافظة عليه مسؤولية حضارية ثقافية إنسانية.



dohamol@hotmail.com

أخبار ذات صلة