ثقافة

باكرا عاد المهندس باسل محمد علي الخطيب الى بلده لبنان، بعد رحلته الى أفريقيا ومصر اللذين أحبهما.. كانت همومه العربية والاقليمية والدولية طاغية، وهو الذي كان مسؤولا عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة الأمم المتحدة... باسل غاب من عدة أشهر ترك عائلة ومحبين.. والده الفنان الشاعر المسرحي المبدع المتعدد المواهب محمد علي الخطيب، ظن ان باسل تأخّر في عودته، فذهب إليه ليسأله عن السبب... ذهب لباسل بعد غياب ليرسم صورة جديدة له في منفاه الجديد. وجده غارقا في همومه وكأنه لم يغب. كليهما، الوالد محمد والابن باسل، قررا المنفى والغياب واتفقا أن يرسما بداية لحياتهما الجديدة.. أم باسل والعائلة تترقّب عودتهما.. باسل الابن ومحمد الزوج لم يغيبا. صورتيهما في القلب وفي وجوه المحبين الكثر الذين غادرهم باسل باكرا ولم يتأخّر والده على اللحاق به... ولا زالت د. ذكاء تترقّب العودة دون ملل أو قلق وخوف... كلاهما باسل ووالده محمد يتربعان صالون المنزل.. يأتي المحبون الكُثر ليشاهدوا اللمسات الأخيرة للمسرحية الجديدة الذي أراد محمد علي الخطيب أن يعرضها بوجود (بريخت وأمه الشجاعة) تلك الأم الشجاعة والشبيهة لها (ذكاء الحر الخطيب اللبنانية العربية) التي رفضت حروب الأديان في بلدانها العربية، خاصة في بلدها لبنان.. تماما كما رفضت الأم الشجاعة لبريخت الحروب الأهلية الدينية في الغرب الأوروبي في الستينات من القرنين السادس والسابع عشر. وكأن محمد علي الخطيب الفنان المبدع كان يقتفي طريق بريخت، عندما رفض الخطيب الحرب ورسم بشاعتها وويلاتها في مجمل أعماله التشكيلية والمسرحية.. وحينما نبذ أيضا ووقف صلبا ضد حروب زعامات القبائل المذهبية والعنصرية في بلده لبنان.. تلك الحروب التي لم يكن هدفها سوى تأبيد وجود آلهة القبائل (شيعة شيعة شيعة، سنّة سنّة سنّة، بيّ الكل، الميثاقية بالروح بالدم)... محمد علي الخطيب لن نودّعك، ننتظر أن نرى من جديدك ليس فقط المعارض الخمسين التي كانت بعض من نتاجاتك وعقلك المبدع بل لنعيد عرض مسرحياتك الكثيرة التي ترسم عبرها بشاعة ما تقوم به الآلهة القبلية التي أوصلتنا في لبنان الى الجحيم.. أذكر انه منذ سنوات طلب مني الفنان محمد علي الخطيب ونجله د. أياد أن أوصله بالأستاذ محمد حسنين هيكل، وهذا ما حصل (وهو المعجب به، بما يمثل من تراث سيبقى خالدا للراحل جمال عبد الناصر). تحدّد الموعد وقدّم الفنان الخطيب للمرحوم هيكل تلك التحفة التي وصفها هيكل بأنها كذلك... رحم الله المحمدين: محمد حسنين هيكل ومحمد علي الخطيب.. باسمي وباسم حلقة الحوار الثقافي في لبنان واللذين كانتا د. ذكاء والمرحوم محمد من مؤسسيها (وان لم يذكر في السيرة..).. وباسم توائم الحلقة وأشقائها في مصر والوطن العربي (منتدى الحوار الثقافي العربي وملتقى الثقافة الشعبية) نتقدّم بأحرِّ التعازي الى السيدة د. ذكاء وعائلات الخطيب والحر وخاصة الى د. رنيم ود. أياد والى رفاقه في دار المعلمين والجامعة اللبنانية وحلقة الحوار الثقافي بأحرّ التعازي، آملين أن لا يصيبهما مكروه...

الحزين المفجوع... فرحان صالح