بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 شباط 2022 12:00ص يا بنيّ

حجم الخط
يا بني..

لا تفقد في الدنيا بهجة ثغر يناديك يا أخي ولا تنظر الى أختك باحتقار، فالنظرات عبارات مخنوقة لها أحاسيسها المرّة ان كانت مسمومة بحقد، فطيّب أنفاسك وأنفخ في كفيك وشوشات طفولة جمعتكما في رحم حياة أمسكتها الأم من أطرافها كي تلين المحبة وتضفي عليكما أجنحتها الرقراقة لترنو الى الله بصدق ومغفرة...

يا بني..

لا تصيب أختك بالخذلان لأنها ان فقدت زوجا وجدت أخا يساندها في المسرّات والأحزان، وان مات الأهل وانصرف الأصدقاء من حولها كنت أنت الابن والأخ والولد، فلا تقطع صلة رحم موصولة بالتسامح والغفران واعتذر ان أخطأت لأن الاعتذار شجاعة وجمال وقدرة نفس لا يستطيعها الجبان...

يا بني..

لا تفقد قيمة وجودك بالحياة باستئصال أواصر القربى ولا تحذف أختك من حضورها فيك لأنك منها وهي منك، فأنتما الدم الواحد الذي جرى في شريان وأوردة القلب الذي جمعكما وجعلكما أخا وأختا، فانظر الى أختك كالثريا وارفعها لترتفع أنت خلقا وتضيء لها سنيّ عمرها ان أظلمت أو ان كبُرت وشاخ عمرها بعد طفولة جمعت رحيقها معك...

يا بني..

لا تترك لعثرات النفس زلّة لسان يسيء لمن ترعى أخوتها وتصون كرامتها وتجعلها في ركن مكين، لتكون آمنة من غدر قد يصيبها أو من فحش قول يجرح أنوثتها، ويتركها ذبيحة أخ لم يرأف بها ولم يعالج سوء فهم أهانها، وامسك لسانك بل أقطعه ان حاول مسّ أختك بجهالة إبليس لعين واستغفر الله واسترد كل حب سلبته من عثرة أو غضب أو استنكار أليم...

يا بني...

ان كرهت فعلا من أفعال أخت غيور، فانظر بيسر إليها وتصدّق ببسمة لا يمحوها الحزن، وشذّب أخطاء الحياة بنعومة واربط على قلبك بالحلم، واجعلها قربك. لأنك الرجل القويم والمسؤول عنها يوم يسأل الله الناس يوم الدين، فيا بني جاهد في الحفاظ على أختك لأنها، كأم تحنّ الى طفلها الوليد بل! كطفلة تبحث عن مؤنس في دنياها لا يستطيع فراقها، لأن الدم يؤلف بين جسدين جمعهما رحم لا برضى إلا برضى الأم التي أنجبت ولديها وتبكي ان أساء كل منهما إليها..

يا بني..

لا تسخر من أختك ان لفّها القبح شكلا واترك لجمالها فسحة من خيال، وامنحها كلمة طيبة تفك عنها تغيّرات كل سنة مضت وهي تؤازر عائلتها، لتكون في مأمن ومن احتياجات الحياة الصعبة، فإن لم تستطع مساندتها بالمال ساندها بالسؤدد والمودّة والتراحم والزيارات التي تفاجئ سكونها بعطر أخ حنون يملأ عليها الحياة...

يا بني..

احذر من مقارنة الأخت بالزوجة لأن في ذلك نفور لقيم الحياة، فالزوجة نعمة يوهبها الله عزّ وجلّ للرجل لتكون بمثابة نفس تمتزج بنفس تحمل عبق المودّة والرحمة، فأعنْ نفسك على التوافق بين زوجة وأخت وبين أخ وزوج، ولا تكن فظّا غاضبا حاسدا غيورا، لأن أدوار الحياة بيد القدر والله يقلب الأقدار ليتذوق كل منا كأس الظلم والحسرة والندامة أو كأس الرضى والتآلف والمودّة، فاحذر يا بنى من التذبذب بين هذه المتناقضات ومعانيها القادرة على جلب التعاسة أو الرضى..

يا بني..

لا تكن جبّارا متسلّطا ولا تصنع من نفسك عظمة فارغة، ولا تكن كالقاضي الذي لا يحمل ميزان العدل بين يديه بل يبحث عنه بين أكوام الحقائق، فلا يجد إلا الصحف المغلقة التي يعجز عن فتحها، لأنه يخافها بل ويخاف الحقائق فيها لأنها تحفظ كل حق من اندثار وتبقى قيد اليد الأمينة التي يحفظها القدر حتى حين، فلا تراشق أختك بحجارة عدل مزيفة بل ضعها بين يديك أمانة لأنها الأخت التي تحمل خلايا دم كُتب عليها الاخوة تكوين روحي وجسدي وحفاظها حق وواجب إيماني.

يا بني..

قيمة الإنسان بما يملك من خلق وشهامة نفس لا تتضجر ولا تتأفف من فوارق الحياة، فتحرر من الانشغال بتقييم الاخوة وفق درجات اجتماعية يلفّها النفاق، واهبط من عليائك قبل أن تسقط عن صراط الاخوة نادما خجلا مما قدّمته لأختك في الحياة. فإن قرأت كلماتي يا بني ارحم قلبي وارْضَ بعد صحوة واطع الله الذي له ملك الأرض والسماوات..