صراحة لو أخبرني أحدهم بما سأتلوه لما صدّقت.. لأنّه من الصعب أنْ يَعقِلَ العقلُ أنّنا هوينا إلى ما دون خط الفقر.. وحتى الغني من هذا الشعب صار يتهيّب من الغد المُقبل.. هذا إنْ لم يسبق غده بتهريب ما اكتنزه على حساب الفقراء إلى الخارج..
ظهيرة يوم الثلاثاء الماضي.. وأمام أحد الأفران في واحد من شوارع العاصمة الشعبية.. طابور من المُحتاجين تجمهروا تحت يافطة.. كُتِبَ عليها «تقدمة من الأشقاء الأتراك».. أيُعقل أنّنا أصبحنا شعباً تجوز عليه الحَسَنَة؟!.. أيُعقل أنّ سمسرات سياسيينا ورجال المال والأعمال وسرقاتهم ونهبهم سحلتنا فوق إسلفت العَوَز..
مشهدٌ تكرّر في محلّة أُخرى بالعاصمة أيضاً.. ولكن هذه المرّة أمام مدخل مركز لتوزيع المُساعدات تابع لجهة خيرية.. تجمّعوا نساءً ورجالاً، كباراً وصغاراً.. بانتظار أنْ يجود عليهم أهل الخير بكرتونة من المواد الغذائية.. أهذه هي صورة لبنان في زمن «العهد القوي»؟!.. أهذه هي صورة لبنان الدولة النفطية المُقبلة؟!.. أهذا هو مصيرنا في ظل دولار تجاوز الـ4000 ليرة.. فبلغنا التسوّل بعدما هتكنا الجوع والفقر؟!..
لبنان سويسرا الشرق.. أم لبنان قندهار الموت والجوع والفقر؟!.. رئيس الحكومة يتّهم ويتوعّد ويُعرِب عن العجز.. حاكم «المركزي» يخرج ليُبرّر ويلمّح للأسوأ.. والسياسيّون يتهاترون ويرمون الكرة في مرمى الجيش.. الذي أصبح في مواجهة مع الشعب.. في مسعى من «الطوابير الخامس والسادس وإلخ».. لتشويه صورة المؤسّسة العسكرية.. والأحزاب تقطف ثمار الثورة وأهلها.. وتصفهم بالمُندسّين والمُخرّبين.. لكنها واضحة وصريحة وربّك الكريم.. قالها في مُحكم تنزيله أيها الإنسان.. [وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ].