بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

3 تشرين الأول 2022 12:00ص أحلام غريقة

حجم الخط
قال لزوجته:
- الأسبوع القادم نبدأ رحلتنا إلى الهناء ونعيش في بلد يعرف قيمة الإنسان، لا بدّ من القليل من العذاب ولكننا نصل إلى حيث نؤمن مستقبل أولادنا وحاضرهم.
قالت الزوجة:
- لقد جعلتني أبيع حصتي من  ميراث أبي من أجل هذه الرحلة.. لعله خير..
قال: هو الخير بعينه، هناك لا داعي للتفتيش عن عمل، العمل سيأتي إلي، يؤمنون لنا مسكناً وعملاً والخدمات الطبية لنا ولأولادنا،حتى ابنتنا المصابة بالربو سيجدون لها علاجاً مجانياً وسنعيش بأمان وراحة، وكذلك يؤمنون تعليم الأولاد وقسائم مجانية لشراء حاجاتنا من السوبرماركات، كوني على ثقة سنكون بخير.
قالت: ولكن يقولون ان هذه الزوارق خطرة، وأن خطر غرقها سريع، أليست مغامرة؟
- لا ليست مغامرة لقد سبقنا إلى هناك الآلاف، وهم بخير وأمان.
نامت المرأة وهي تحلم بالمستقبل الزاهر والرجل يحلم بالعمل المثمر والعائلة السعيدة.
حل الموعد واتجهوا جميعهم إلى الشاطئ حيث الزورق بانتظارهم وعندما وصلوا قالت المرأة:
- هذا الزورق صغير والركاب كثيرون كيف سيتسع لهم؟
قال:إنها رحلة قصيرة ليلة أو أكثر.. نتحمل من أجل هدفنا..
قالت: حسناً.. أمرنا لله..
عندما بدأت الامواج العالية تلطم الزورق ويموج بمن عليه كريشة في مهب الريح... تصاعد الدعاء وتوزع الأولاد ما بينهما، التصقوا جزعين بهما.. والأمواج ترتفع..
يقول أحد المنقذين انه شاهد إمرأة غريقة تحضن ولدين ورجل يحضن ولدين آخرين..
لم يشاهد المنقذ الاحلام الوردية التي باتت في قاع أليم ولم يشاهد جرعات الخوف القاتلة..
لكنه شاهد علی البر سيّارات فخمة وعلى الشاطئ يخوت فاخرة.. وسمع من وسائل الإعلام خطابات الأسف واللوعة ورائحة كذب تعبق الأجواء..
أخبار ذات صلة