بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

31 كانون الثاني 2022 12:00ص أرل

حجم الخط
«أرل» مدينة صغيرة في جنوب فرنسا تقع على نهر الرون. في مركزها السكني تبدو أشبه بقرية من قرى جبل لبنان حيث البيوت القرميدية القديمة والطرقات الضيقة والساحات التي يتجمع فيها الناس. طابعها التراثي الروماني امتزج بالطابع الفرنسي المعاصر في أبهى صورة؛ فكأنك تسافر في التاريخ من غير أن تشعر بالتعب ومن ثم تعود الى نقطة الحاضر ممتلئا وقانعا بانك قطعت أشواطًا من التقدم الملموس. أتأمل هذه المدينة الهانئة: النظام في كل مكان. الناس يحترمون القانون. يصطفون في المقهى عند الطلب مثلا أو في الصيدلية من تلقاء أنفسهم. لا وجود للتدافع أو التذاكي أو التأفف من الانتظار. عند المساء يدخل الناس بيوتهم وتغلق المحلات أبوابها. وفي الليل تجد نفسك تمشي وحيدا وسط شوارع خالية تماما. فلا تسمع أصواتا عالية ولا تزعجك جلبة ما. كانك في  قرية غير مأهولة. تمشي من دون ان تلتفت الى الوراء. فأنت في أمان. النساء هنا يمشين وحدهن ولا يخشين أن يتعرض لهن احد. هذه أرل. لا يوجد فيها غير بلدية ومركز واحد للشرطة. وكل شيء فيها على ما يرام. ماذا عن لبنان؟ عن بيروت؟ أين الأمن فيهما وأين الأمان؟ أين حماة الديار؟ وأين دعاة السيادة والكرامة؟ وأين الأقوياء؟ أين أصحاب الخطابات النارية؟ هل عجزوا جميعا عما تنجح فيه كل يوم قرية فرنسية صغيرة؟ ألا يخجلون من أنفسهم؟ هل يصدقون كذبة أنهم يمثلون الناس ويعبرون عن طموحاتهم؟ ألم يملوا بعد من هذه النكتة السخيفة جدا؟ الناس يخافون منكم: نعم. ويحسبون حساب بطشكم وجبروتكم: صحيح. ويطمعون في أن يجدوا عندكم حاجة من مال او وظيفة: لا ريب في ذلك. لكن فكرة التمثيل والتعبير عن اعماق الناس وعن خياراتهم الوجودية: فلا. الافضل ان تقلعوا عن هذا الشعارات التي لم تزدكم الا خيبة. ألا ترون خيبتكم؟ ألا تشعرون بإجرامكم بحق الناس والابرياء؟ جعلتم اللبناني يخشى السير في مدينته بلا امن ولا كهرباء ولا شرطة ولا من يحزنون عليه اذا ما تعرض لهجوم او سطو. والله لو كان لأرل فم ولسان لبصقت في وجوهِكم! لكن انتظروا من الناس عقابا لن يرحم احدا فيكم.

أخبار ذات صلة