بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

1 أيلول 2021 12:00ص أصبحنا كـ«الضفدع المغلي»

حجم الخط
غالبيتنا يعرف بطل قصة الكاتب والفيلسوف الفرنسي أوليفييه كليرك، ذلك الضفدع الذي لم يقفز من مكانه، وهو في الماء المغلي، وجميعنا نسخر من تصرّف هذا الضفدع الذي كان يُعدّل درجة حرارة جسمه كلّما سخن الماء تحته، إلى أنْ وصل الماء إلى درجة الغليان، ومات الضفدع في التجربة، علماً بأنّ الوعاء الذي وُضِعَ فيه كان مفتوحاً من أعلاه.

«متلازمة الضفدع المغلي» تنطبق على حالة اللبنانيين هذه الأيام، فالمسؤولون في بلادنا لم يضعونا في جهنم مباشرة، كي لا نقفز وننتفض في وجوههم، لكنهم اتبعوا خطّة إيصالنا إلى الجحيم درجة درجة، فسطوا على أموال الشعب في البنوك، وما من أحد تحرّك؛ رفعوا الدولار في السوق السوداء فتأقلم الجميع، ومنهم مَنْ فرح بزيادة الأصفار إلى يمين الأرقام؛ فُقِدَتْ السلع الغذائية والأدوية من الأسواق، عدّل الشعب قدرة تحمّله للجوع والوجع وتأقلم مع الأيام؛ شحّت المحروقات وانقطعت الكهرباء، شاهدنا طوابير الذُل وأُضيئت الشموع في المنازل، وهكذا لا يزال اللبناني يُعدّل من قدرة تحمّله وتعامله مع التغيّرات السلبية التي تحدث ببطء، من دون أنْ يقفز ويثور على ما وصل إليه من تردٍّ.  

هذا التأقلم والصمود السلبي، ما هو إلا خضوع للواقع الذي لا يمكن تجاوزه من وجهة نظر الشخص، ما يضطره إلى التعايش والصمود أمامه، كما أنّ التحذيرات والإجراءات المتعلّقة بالأوضاع الاقتصادية التي لم تعد تثير لدى غالبية الناس ردود أفعال طبيعية أو تدعوهم إلى اتخاذ التدابير الوقائية اعتقاداً منهم بالنهاية الحتمية أنّ البلد قد وصل إلى القاع، وشعورهم بأنّهم فقدوا طاقتهم لإنقاذ أنفسهم وبلدهم.

التغيّر التدريجي لأوضاع اللبنانيين والأزمات التي أدخلهم في أتونها السياسيون والمحتكرون، استنزفت قدرة الشعب وهو يتأقلم مع الظروف المحيطة به، وحوّلته إلى «ضفدع الماء المغلي» المعروفة نهايته للجميع. 


أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!