بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

15 نيسان 2021 12:00ص أمل وسراب ورمال متحرّكة!

حجم الخط
لست أدري من أين أبدأ.. أمن فرحة بحلول الشهر الفضيل وبنوره الذي طغى على الأكوان.. أم من الوجع الذي تضاعف أضعافاً مضاعفة مع حلول الشهر.. فالغلاء الفاحش ما عاد مقتصراً على الأكل والشرب.. حتى حليب الأطفال والدواء أصبحا من الكماليات بنظر المتحكمين برقاب العباد.. فصار المواطن يفكّر ألف مرّة بالذهاب إلى الطبيب.. لأنّ فاتورة الاستشفاء أكبر بكثير مما قد يتحمله الراتب.. إنْ كان راتباً ولم يتحوّل إلى نصف أو تبخّر كما تبخّرت أموال المودعين في المصارف اللبنانية.

اتصل يسألني إنْ كنت أملك ما يزيد عن حاجتي من الزينة الرمضانية.. لأنّ أبناءه يطالبونه ولو بشريط إضاءة واحدة أو عدة بالونات.. لكن العين بصيرة واليد قصيرة وما بجيبه لا يكفي لإطعامهم فكيف بالزينة.. ومثله رأيته ينتظرني عند مدخل العمارة سائلاً عن «فطرة» أو «زكاة» أو أي شيء ممكن أن يسد رمق أسرة متعففة.. ومثلهما كان ثالث ينتظر «كرتونة المونة» من مُحسن غني.. أو «بطاقة مساعدة» من هذا وذاك..

بين ليلة وضُحاها تحوّل الشعب اللبناني إلى متسوّل.. بعدما سُرقت على مدى 30 عاماً مقتنياته ومدخراته وعرق الجبين و«تحويشة العمر».. فاغتنى مَنْ اعتلوا المنابر ورصّوا الأموال رُزماً تلو أخرى في مصارف سويسرا وسواها.. والشعب اعتقد بأنه يستند على أساسات صلبة ودعامات أقوى من الصوّان.. وإذ به يسير فوق رمال متحرّكة ويمضي خلف سراب تذروه الرياح ويسعى نحو أمل مكلل بالكذب والخداع..

واليوم سقط القناع وكُشفت العورات وبان المستور وما عاد أمامنا إلا البحر.. وحتى البحر سرقوا غازه ونفطه.. والبلد أرسلنا فخامته إلى جهنم بعيداً عنها.. بعدما سبق وطالبنا بالهجرة لأنّها لا تتسع إلا له ولبرتقالييه.. و«كل رمضان وإنتو بخير»..


أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!