بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

26 آب 2022 12:00ص أي رئاسة لدينا؟

حجم الخط
عندما نأتي إلى توصيف واقعنا الحاضر بكل ما فيه من مرارة وخزي وعار لا نجد في أحيان كثيرة كلمات أو عبارات أكثر دقّةً وأحسن بلاغةً وأبعد أثراً مما قاله أو كتبه الأقدمون. وإن كان ذلك يعود بالمديح على أولئك الأفذاذ من علمائنا وفلاسفتنا، فإنّه يعود علينا للأسف نحن الحاضرين الغائبين بالذّم والنّقص والثّلْب. وعندما تُصبح حياتنا مبنيّةً للمجهول في كل تفاصيلها ويحلّ علينا ظلامٌ دامس، فإنّ الاستهداء بأنوار الماضي يبقى حلاً ناجعاً حتى ولو أنّ عيوننا تَعمَشُ عنها اليوم لضعف كبير قد أصابها منذ زمن بعيد. لنترك الفارابي الفيلسوف إذاً يحكي لنا عن أحوالنا ويُحدّد لكل منا، حكاماً ومحكومين، أوصافه التي عليها وجوده وإليها مآله، إن آثرنا العمى على النظر، وضيْق القلب وغلاظته على  ما أسكن الله فيه من رحابة ورحمة. يقسم الفارابي الرئاسة إلى أربعة أقسام: رئاسة فاضلة؛ ورئاسة جاهليّة؛ ورئاسة ضلالة؛ ورئاسة تمويه. 
الرئاسة الأولى يلتمس صاحبها أن ينال هو وكل مَنْ تحت رئاسته السعادة الحقيقية القصوى. الرئاسة الثانية يلتمس صاحبها أن ينال هو خيراً من خيرات الجاهلية (كالجاه والمال والبنين) بينما يجعل مَنْ تحت رئاسته آلاتٍ يستعملهم ليصل بهم إلى غرضه ويستديمه. 
الرئاسة الثالثة يظنّ صاحبها بنفسه الفضيلة والحكمة ويظنّ ذلك مَنْ تحت رئاسته من غير أن يكون كذلك. فلا ينالون غير السعادة الوهميّة أو ما يتخيّلونه غرضاً شريفاً. الرئاسة الرابعة يتعمّد صاحبها الخداع والتمويه ومَنْ تحته لا يشعرون بذلك. وعن الرئاسة الفاضلة يكون الرئيس الفاضل وتكون بحذوه الملّة الفاضلة أو المدينة الفاضلة. أما المدينة أو الأمة المنقادة لأنواع الرئاسات الأخرى أي التي تُسلّم أمرها لرئيس جاهلي أو ضال أو مخادع وتسكت عما يصيبها من ظلم وفاقة فهي مدينة جاهلية والإنسان الذي يقيم فيها هو إنسان جاهلي.  
فلننظر نحن اللبنانيين اليوم   أي رئاسة لدينا أو بالأحرى أي رئاسات نحن تحتها رازحين حتى أصبحنا أسفل سافلين!
أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!