بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

14 آب 2020 12:00ص إما لبنان أكبر من الجميع أو..

حجم الخط
الكارثة اللبنانية حقيقة شاهدها العالم أجمع، تضامن مع جرحها، وانشغل بتداعياتها. نُكبَتْ بيروت في لحظات. وصارت الدولة بكامل أجهزتها السياسية والأمنية على محكّ الحقيقة. 

فعند الكوارث أو في الشدائد التي تفوق القدرة على الاحتمال تُطلبُ الحقيقةُ لذاتها. فصلٌ عشنا جحيمَه في تفجير ٢٠٠٥ الرهيب وما تلاه من سلسلة اغتيالات منظمة. لكنّ الحقيقة لم تأتِ بعد. غالباً ما تكون الجريمة منظمةً، لكن نادراً ما يكون التحقيقُ بنفس الصّفة والمهارة، خصوصاً في لبنان. فهنا يُتعرَّفُ على الجريمة وحدها في وقتِ حصولها، ويختفي المجرمُ من بعدها إلى الأبد. 

هل سيتكرر السيناريو نفسه؟ انفجار ٤ آب أكبر من أي انفجار أو تفجير شهده البلد. انفجار نَجَتْ منه بيروت رغم نكبتها فيه. بيروت محظوظةٌ رغم تعاستها، ورغم المأساة الكبرى التي زلزلت قلبها وقتلت وشرّدت أبناءها. بيروت ما تزال فوق سطح الأرض. قفزتْ فوق الحفرة الهائلة العُمق التي خلّفَها الانفجار (حوالى ال٤٠ مترا).

 كأنه أراد أن يقول لها: في المرة الثانية لن تكون هناك نجاة! العناية الإلهية تكفلّت ببقائك موجودة هذه المرة. الحقيقة المطلوبة ينبغي أن تكون بحجم الكارثة نفسها. نريد حقيقة كارثية إذا جاز التعبير. حقيقة تفجِّر كلّ من يقف في طريقها. حقيقة انفجارية، انشطارية، بل حقيقة نووية أيضاً. حقيقة أكبر من الجميع. 

هذا إن أردنا البقاء على قيد الخريطة الصغيرة. غير ذلك، كل شيء سيكون إعلاناً عن قرب نهاية لبنان. فلينتبه الجميع، وليحذر الجميع من رقعة الشطرنج الدولية، ومن لعبة الأمم الكبرى. إما لبنان أكبر من الجميع أو لبنان خارج سيطرة الجميع. إما أن نتحرّك وفق حسابات دقيقة ومجهرية أو «كش ملك» مدويّة سيرفعها العالم بوجه لبنان واللبنانيين. 

لعبةُ القوّة وتوازن الرّعب، يفشلان حتماً، إذا هجَمَ الرّعبُ من الداخل، وأطاح بجميع القوى المتمترسة. لن يجلسَ على عرشنا عندئذٍ سوى الخسران المبين. الانفجار الأخير ليس غلطةً أو إهمالاً. هو حقيقة ساطعة وارتدادية تدميرية، ما عاد يمكن مواجهتها إلا بحقيقة أسطع منها، وأكثر ارتداداً وتدميراً. وإلا حذارِ من فينيقيا جديدة.


أخبار ذات صلة