بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

17 آب 2019 12:20ص إنّ الله مع الصابرين!

حجم الخط
وأخيراً تمكّن «صاحبنا» من أنْ يستحصل.. على يوم واحد كإجازة من «مهنة المتاعب».. ليخرج بعائلته مستعيدين بعضاً من الفرح الذي حُرِموا.. بسبب عمل الأب خلال أيام عيد الأضحى المبارك.. فكان أنْ مضى بهم إلى قرية شوفية في أحضان الجبل.. حيث يتربّع نبع بمياهه العذبة المتدفقة من بين الصخور..

=وبالفعل كانت ضحكات طفلته الصغيرة أكبر من أنْ توصف.. حتى طغت رنّاتها المتردّدة أصداؤها بين الجبال.. كسمفونية موسيقية صادرة عن بين الضلوع.. وفيما هي تلهو بالمياه الباردة شعر «صاحبنا» بأنّ شفتيها تتراقصان من البرد.. فسارع إلى التقاطها من المياه.. حفظاً لصحّتها ومنعاً لأي باب من أبواب المرض..

=وإذ بسيدة تلهو وطفلتيها أمام النبع.. «تفتح سيرة» من غير سابق معرفة.. وراحت تبث لواعج الضائقة المادية.. وارتفاع الأسعار وتوقف زوجها عن العمل.. خصوصاً أنّه من المياومين المغلوب على أمرهم.. ومشيرة إلى أنّ أهالي الجبل خلال الشتاء.. إذا ما قرصهم البرد يتحدّونه بالمؤنة ودفء المازوت والحطب.. ولكن في ظل انقطاع المال وتوقف الرواتب.. من أين الاستحصال على المازوت.. وحتى الحطب إذا ما جرى اقتطاعه من الأشجار ألا يحتاج إلى ما يوقد به؟!..

=وفيما هي تشكو وجعها وتتلو شجونها.. إذ به يسرح في ملكوت ربّه متفكّراً في هذه الحياة.. فالرزق ولله الحمد شحيح.. والمال أينما استحصل عليه من الأبواب الحلال.. تراه يتبخّر أسرع حتى من تبخّر المياه في الأجواء الحارّة في هذا الصيف.. فما عساه يفعل لرأب صدوع نفسه قبل بلسمة جراح غيره.. فقال: «يا أختاه أراكي عصيّة الدمع.. وجلودة كصخور هذه الجبال المحيطة بنا.. وعزيزة النفس كهذه الصنوبرات المزيّنة لسفوح الجبال.. فلا تجزعي ولا تيأسي فإنّ الله مع الصابرين»..

=وإذ بصوت طفلته يناديه: «بابا يلا أنا بردانة.. دفّيني Please».. فضحك وقال للسيدة: «شفتي هي مهمة جديدة.. الله يحميهم ويعطيهم إيّام أحلى من إيّامنا»..





أخبار ذات صلة