بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

22 آذار 2019 12:10ص اتركونا نحلم!

حجم الخط
ما عسانا نملك ازاء ليل طويل ومستبد غيرَ حقّنا في الحلم؟ وفي مقابل واقع مرير ينتصب كجدار للفصل العنصري بين حاكمين للأبد ومحكومين بالمؤبّد، ما الذي باستطاعتنا أن نلوذَ به غيرَ الحلم؟ أحلامٌ طوال الوقت، لعلّها تخفّف من وطأة الوقت علينا، كلّما ودّعتنا أحلامٌ سابقة على مفترق الخيبات التي باتت ترسم طريقنا نحو المجهول. أحلامٌ بدولة تراقبُنا مراقبةَ الأم لأولادها، ونشعرُ بحبّها، وبهيبتها في نفوسنا. يرفع الولد الصالح يده فخورا مسرورا، كي يُثاب ويُكافأ على برّه واجتهاده، ويخبئ الولد الطالح رأسه بين يديه، لأنه يعرف تماماً، أنه لن يفلتَ من العقاب الرادع له، كي يرجعَ إلى طريق الصواب. 
أحلامٌ معلّقة كالأمصال أو كعناقيد من التّعب الحامض، على قلاع المستشفيات كي تفتحَ أبوابها الحديدية بوجه الفقراء والمحتاجين، ولا يموتَ أبناؤهم كالفراشات حول الضوء. أحلامٌ بمدارس ترعى النبات الجديد من غير أن تكسر ظهور المزارعين. أحلامٌ بمساكن للشباب ووظائف محترمة لا تدفعهم بهم إلى الغربة؛ فينزف الوطن دونهم. أحلامٌ ببحر مجانيّ تبتسمُ شطآنُه للباحثين عن الهواء والماء والشمس، من دون أن تغسل أمواج الطمع جيوبهم. أحلامٌ بطرقات آليفة توصل الناس إلى مقاصدهم بدل أن تقطع عليهم حياتهم. 
أحلامٌ ببرلمان متواضع يرأف بالناس، وحكومة صغيرة تهزّها أوجاعهم، وتُطيح بها مآسيهم. أحلامٌ بشعب يفهم ولو لمرّة واحدة، أنّ عليه أن يفهم لمرّات قادمة. وأحلامٌ برؤساء عاديين غير قابلين لأن يتحولوا بين ليلة وضحاها إلى زعماء أو أبطال. 
وأحلامٌ أقل من متواضعة بهواء منعش غير قاتل، وبحديقة خضراء جميلة، وبنوافير مياه بهيّة، وبحركة سير منظّمة، وبشوارع نظيفة من النفايات، وبأكل غير ملوث، وبطمأنينة حين يدخل المواطن ويخرج من بيته.  
هذه أحلامنا.. فعلى الأقل اتركونا نحلم!


أخبار ذات صلة