بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

4 كانون الأول 2020 12:00ص الثعالب السياسية!

حجم الخط
نعم، السياسة هي فن المُمكن. لكن عبر فن آخر له الأسبقية: فن المراوغة. عندما شاهدت الثعلب لأول مرة في محميّة طبيعية صغيرة في منطقة عاليه، تساءلت باستغراب شديد لماذا يروغ حول جحره من دون توقّف؟ أي داع يدفعه إلى مثل هذا السلوك فيما هو محاصر داخل قفص حديدي لا مفر منه؟ باختصار هذا طبعه، قال لي المسؤول عن المكان. هذا يعني أن الثعلب يراوغ كل الوقت تقريباً، وان اقتضى منه الأمر مراوغة نفسه فقط. فالثعلب حيوان سياسي اذاً بتعريف أرسطو. 

فمن صفاته المكر والتربص والتسلل خلف الخطوط والاختباء في جحور متصلة ببعضها؛ كلما انكشف منها واحد لعدوه هرب الى الجحر الآخر. وفوق ذلك كله، له أنماط سلوك مختلفة باختلاف نوع المحيط الذي يعيش فيه. كأني بصفاته تيك وبفروه الغالي الثمن، أرى سياسياً لبنانياً بامتياز. ولك أن تتخيل بنفسك ما الذي يقابل الثعلب من مواصفات حية لكائنات تكون في مرمى خداعه وافتراسه. في لبنان تحديداً، حتى يكتمل اثبات العكس الذي بدأ عند هبّة تشرين الأول، يُطلق اسم الشعب حالياً على عموم هذه الكائنات. أنماط السلوك المتغيّرة بحسب الظروف هي مفتاح نجاح الثعالب السياسية. فالثورات للأسف لا تُطيح بهم، بل تزيد من أنواعهم. إ

نها القوة الناعمة بحق، أو الريح الخفيفة التي تحمل مع ذلك القذى إلى العيون المُتطلّعة للخلاص. غالباً ما تُصطاد الثعالب بالنار لكف شرها؛ اذ هي سيّدة الحيل والأفخاخ، ترتاح لها وتأمن فيها. فعلى التغيير ألا يكون فخاً عابراً يُنصب على الطريق اعتباطاً. إذ أخطر ما تتعرض له الثورة هو أن تصبح فخاً لنفسها. صحيح أن جغرافيا الأمل تظل هي الشعب (وهي العشب أيضاً بمعنى الكثرة). لكن أن نفهم الشعب بطريقة أخرى هو ما يبقيها عائمة فوق بحر خيباتنا المتلاطم.

 ليست الهويات أبداً هي التي تحدد الشعب بل باقة أسئلة واحدة: ماذا يمكننا أن نعرف؟ ما يجب علينا أن نفعل؟ ما الذي يمكننا أن نأمل به؟ (بالإذن من كانط). هل نسأل ما اللبناني بدل أن نسأل من يكون اللبناني؟ لننظر ونرى!

أخبار ذات صلة