لا يتولد الحب من الكره عموما. قد يحدث ذلك احيانا. بل من اللامبالاة ومن عقارب عدم الانتباه إلى كل ما من شأنه أن يعكس حركتها الاعتيادية. وهكذا ترانا نقول عن فجاءة الحب الشيء الكثير. ولذلك ثمة تاريخ للحب. ومهما كان طويلا يظل نادرا. بل لعل ما نسميه تاريخا هو ليس من التاريخ في شيء. ألا ترى أننا دائما ما نحقن التاريخ بالانتظار كي نقبل تاريخيته؟ والحب الذي ينبثق من قطب الأحاسيس المتجمدة الشمالية هو ليس سوى قنبلة انتظار او انتظارات على ما نعرب نحن اليوم لا ادري اي كلمة اجنبية. فلا عدالة عندنا في التعريب او الترجمة. ينفجر الانتظار من قبل أن يمس. الا يزعم العلم ان الانفجار في ذاته يمكن ان يكون بداية كل شيء؟ بيد ان الانفجار نفسه لو تأملنا فيه قليلا لقلنا انه كومة من مشاعر. اذ لا شيء ينفجر سوى المشاعر المختزنة. واذا كانت المادة خلوا منها فهي لا يمكن ان تنفجر من عند نفسها. لا بد ان هناك مشاعر قد تلبّستها من قبل حتى ضاقت بها فاتسعت عنها. هذه القبل الغامضة ابدا مثل القلب. اما اذا غاب الشعور او تجمد شمالا وجنوبا ووسطا فلا انفجار بعد ذلك ولا انتظار. شيء من هذا القبيل يحدث في لبنان. فهذا بلد لا ينفك عن الحدوث والجريان شيء مثل نار هيراقليطس الاغريقي تمسك بتلابيبه، لكن المأساة تكمن في مشهد مسرحي عظيم لا محل فيه للانتظار . التاريخ لم يبدأ بعد في لبنان. انه على العتبة. اليست اشرس المعارك هي التي تخاض على العتبات وفوقها؟. اعود الى الحب. ترى ماذا يوجد وراءه؟ احب مثله نوعاً وكمّاً ام شيء من ضده؟ اكره بعد الحب؟ اكفر بعد الايمان؟ افقر بعد الكفاية؟ ام نقمة بعد النعمة؟ ماذا يعني ان تكره؟ الا تنتظر الخير من شخص ما. فهل تنتظر السوء والشر؟ هل كل انتظار هو حسن؟ الا يمكن ان ننتظر الفاجعة ؟ ربما ليست الفاجعة من يُنتظر مجيئها. فهي تكون قد أتت ونشبت أظافرها من وراء ظهورنا!