يقترب الرابع من آب، تاريخ حفر في ذاكرة كل لبناني مشاهد مرعبة لا يمكن ان تُمحى بسهولة، ولن يستطيع احد تجاوز ما حدث بأي شكل من الاشكال، انه تاريخ يضاف الى تواريخ الايام السوداء من الحرب الاهلية الى العدوان المتكرر للعدو الاسرائيلي، لكنه هذه المرة اشد ايلاماً مع تجهيل الفاعل المسؤول، والمحاولات الحثيثة لابعاد اية ملاحقة عن اي شخص مرتبط بجريمة العصر هذه.
مع اقتراب الموعد المشؤوم تتداعى صور ذلك اليوم في الذاكرة ،الدمار الذي حل على قسم كبير من العاصمة، الاشلاء المتناثرة في كل مكان، الدم الذي لطخ الوجوه، صوت بكاء الاطفال وصريخ الرجال ونحيب النساء واستغاثة الاطباء في اروقة مستشفيات متهالكة بفعل الاعصار الدامي وصور اخرى كثيرة لا يمكن احصاءها، والاشد ايلاماً صور اولئك الابطال الذين هبوا لاطفاء الحريق فكانوا حطباً لذلك الحريق.
كيف يمكن لأب ان ينسى الابن الذي خطفه اعصار الفساد ام لأخ فقد نصيره في الدنيا او ام فقدت من ترعرع في حضنها او ولد فقد سنده وبات يتيماً، او عريس فقد عروسه قبل الزفاف، كيف يمكن ان نمحو صورا باتت في كوابيسنا واحلامنا تنغص علينا الضحكة؟ نحن الشعب الذي يحب الحياة رغم كثرة المآسي التي مررنا بها، لن ننسى بالتأكيد ولن نسامح بالتأكيد حتى تتحقق العدالة، لكن عن اي عدالة نطالب بها في بلد اعتاد الفاسدون فيه تخطي العدالة، ولكن العدالة هذه المرة لن تأتي من اروقة قصر العدل فحسب بل ستأتي من محاسبة الشعب يوم الرابع من آب، الشعب الذي لم يلمس اية محاولة لزعمائه لتحقيق امنيته بمعاقبة المتسببين بالاعصار ، الرابع من آب هو يوم الحساب فهل تسقط المحرمات وتتحقق العدالة ويجتث الفاسدون من جسم لبنان المسرطن؟ غداً لناظره قريب.