بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

2 تموز 2021 12:00ص الحليب المفقود

حجم الخط
يحزنني ما يحزن اللبنانيين ويفرحني ما يفرحهم. كل اللبنانيين لا بعضهم. وعندما أغادر هذا الوطن بحثاً عما تبقى من كرامة إنسانية، سوف يزداد تعلقي بترابه وأغنياته وحكاياته. كل الحكايات سواء تلك التي نرددها على مسامع بعضنا كل يوم أم التي يخفيها كل واحد منا عن نفسه وعن الآخر. أعلم ذلك جيدا. ففي الغربة وطن ينبض فجأة في صدر الغريب كما لم ينبض من قبل. ومع ذلك ليس السفر الآن حكايتي رغم ان للأسى أجنحة قوية. لكن ما أفكر فيه وسط هذا المشهد اللبناني الرهيب الذي يرسم لكل واحد من المسؤولين فيه دوراً محدداً لا يغادره ابدا بينما لا يوجد من يدير المسرح او يتحكم بإيقاع الممثلين فوقه، هو هذا العضال اللبناني. فلا بد من مصالحة مع القدر الذي جعل لبنان كيانا سياسيا؛معرفة أسباب خروجه المتكرر عن روحية هذا الكيان كأنها روح شيطانية قد نفخت فيه فإذا بها في كل مرة تنقلب عليه  وينقلب معها على نفسه.سيقولون الطائفية. كأنها أوجز عبارة لوصف اللبناني. كأن الطائفية لا توجد في غير هذه الأرض الموجوعة. سيقولون اغنياء وفقراء وعائلات متسلطة من أزمان بعيدة. ما اكثر ما يقولون. فهم لن يتوقفوا يوما عن القول. عن الخطابة واعتلاء الحقيقة كأنها دابة يركبونها فتنقاد لهم بسلاسة. يربطونها اينما يشاؤون ولو في اعناقنا الدامية. لكن شيئا آخر تماما ما أراه وما أنا مستعد لأن أشهد به أمام نفسي على الأقل. لننزل عن ضهر الحقيقة اولا. مشكلتنا أخلاقية وتربوية قبل أن تكون سياسية. فليضحك من شاء أن يضحك. لن يبدل الضحك أمراً. لا يوجد بيننا من هو وطني بحق زعيما كان او رجل شارع عادي. لا يوجد بيننا من يحب لبنان فقط لأجل لبنان. المشكلة تبدأ مع الحليب. فهذا النوع كان مفقودا على الدوام. بالكاد رضع منه احد. فاقد الشيء لا يعطيه يقول المثل المجرب. فجميعنا حكاما ومسؤولين لا نملك شيئا لنعطيه الى لبنان. نعم هناك الكثير لنأخذه منه بعد تحت مسميات عديدة. ربما لهذا السبب ما زال لبنان قائما. لا ادري اذا كان تأسيس هذا الكيان عملا اخلاقيا حتى بمعيار النجاح السياسي. فالاستعمار لم يصنع فينا خيرا قط. فثمة دول فاشلة بحق. لكن ظني أن التاريخ سيذكر يوما بأن زوال هذا الكيان الصغير كان بسبب الانهيار الأخلاقي لأهله!




أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!