بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

20 أيلول 2019 12:00ص الصمت المريع!

حجم الخط
ماذا يريدون منا أكثر؟ ما الذي يمكن أن نقدمه لهم بعد؟ ماذا بقي لنا من أشياء نملكها ولم نفرط بها؟ أي لون من العذاب لم نذقه؟ أي شعار من النار لم نكتو به؟ أي أمل بغدٍ لم نر حطامه أمام أعيننا؟ أي ثمن لم ندفعه أضعافاً؟ وأي ديون لم نسددها بالدم؟ أي تقشف في الكرامات ستتحمل بعد موازنتنا الإنسانية؟ أي مضادات حيوية علينا أن نحقن بها يوميا لكي نبقى على قيد الإهانة؟! إلى متى سنظل على لوائح الشطب كسورا لا تلتئم؟ إلى متى سنبقى أسهما بشرية وأرصدة سياسية في البورصات العالمية؟ إلى متى سنظل «بنك دم» على فصائله جميعاً تُسحب الشيكات الدولية والإقليمية؟

 هل بقي لنا من أسنان كي نعضّ على الجرح؟ هل بقي لنا من أبصار كي نحصي المخاطر المفتعلة في طريقنا؟ وهل بقي لنا من قلوب كي نرحم بها بعضنا؟ هل من مفعول به نُصب أكثر مما نصبنا؟ هل من مجرور كُسر أكثر مما كُسرنا؟ هل من ضمة أشد وقعا علينا نحن اللبنانيين المضمومين كبطاقات المعايدات، على ضهرها تُلصق العناوين المختلفة، ويرسل بها عند كل مناسبة الى جهة محددة. هنيئا لكم هذا الجمع أو ذاك الحشد؛ هذه الرؤوس المنخفضة أو تلك القبضات الملتهبة!

 هل من شعب جزمه حرف أو أداة أكثر من شعبنا حتى جُذم عقله ولحمه؟ الخراف تعلف بسخاء، وتنعم تحت برق السكين، قبل أن يحين موعد ذبحها؟ والورود تسقى بماء نظيف، قبل أن تقطفها الأيدي؟ وحدها الأزهار البريّة تُترك بلا رعاية. فهل أصبحنا برّيين إلى هذا الحدّ؟ لا فرق بين أن يداس علينا بالأرجل العابرة أو أن نحرق غيلة في أماكننا؟ ولا فرق بين أن نكون أو لا نكون، ما دامت أصواتنا مخنوقة بحبال الطائفية الغليظة، وحناجرنا لا تردد غير الصدى؟ 

بات كل شيء يقتلنا: الهواء والماء والتراب.. وفوق ذلك كله الصمت المريع!   

أخبار ذات صلة