بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

21 حزيران 2019 12:19ص الفساد الأكبر!

حجم الخط
ليس الفسادُ حكراً على السياسة فقط. فهو طبعٌ قبل أن يكون تطبعّاً. هناك أناسٌ شرفاء في كل زمان ومكان، لا يمكن للمال أن يشتري ذممهم، ولا للسلطة أن تعمي قلوبهم. هؤلاء كثر، لكنّهم مشتّتون، مفرّقون، موزّعون، لا تجمعهم كلمة الحقّ إلا من بعيد، ولا توحّدهم قضيّة عادلة إلا على مستوى الضمير الشخصي. لذلك، نشعر بنقصهم وعدم فاعليتهم، وهوانهم على الناس. في المقابل تُترك الساحة العامة لعديمي الأخلاق، يعيثون فيها فساداً، بلا حسيب ولا رقيب. لذلك، نشعر بوطأتهم علينا كأنّهم الأكثرية فينا، وبسطوتهم في حياتنا، حيث يصولون ويجولون بيننا كيفما يشاؤون، ووفق ما تقتضيه مصالحهم الخاصة. الفرز الصحيح هو بين الأوادم وغير الأوادم، الذي وحده يُظهر المعدن الحقيقي للناس، ويفصل في ما بينهم. كل شيء غير ذلك، إما أن يكون مزيّفاً أو عرضةً للتزييف والاستغلال الرخيص بكافة أشكاله. 

أن يكون الواحد رجل سياسة أو مسؤولاً في حكومة لا يعني بالضرورة أنه فاسد أو مروّج للفساد. قد نلتقي بقاض فاسد، وأستاذ جامعيّ مفسد، وبشرطي لصّ، أو بطبيب لا يعرف عن الإنسانية شيئاً، أو بأشخاص من الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في المجتمع. 

هؤلاء ربما يكونون أكثر خطراً علينا، لأنّهم يتواجدون معنا وعلى مقربة منّا، يُصيبون بجروح بالغة آمالَنا الضئيلة، كلما تعاملنا معهم أو وثقنا بهم. شعورٌ عارمٌ، حينها، بفظاعة الاستمرار في هذا البلد، سيُغالبنا، ليل نهار، ونحن نرمي نظرات قاتمة على مستقبل أطفالنا، حتى يغلبنا، فنحزم أمرَنا والوطنَ معاً في حقيبة واحدة.

صحيح أن أشكال الفساد لا حصر لها. إلاّ أن أعظمها ما يتلبّس عند الناس شكل قناعة كاذبة بأن لا بديل عمّا نحن فيه. الفساد الأكبر هو الاعلان عن فساد كل بديل!

أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود