بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

16 تشرين الثاني 2018 12:00ص الفلسفة بين الاحتفالية والعزاء

حجم الخط
احتفل العالمُ أمس بـ«اليوم العالمي للفلسفة»؛ وهو الحدث الذي تنظّمه «اليونسكو» في ثالث يوم خميس من شهر تشرين الثاني، في مقرّها بالعاصمة الفرنسية باريس، وتشارك فيه مجموعةٌ من أهمّ الفلاسفة من جنسيات مختلفة. 
وتهدفُ الاحتفاليةُ التي انطلقت منذ العام ٢٠٠٢ بحسب المنظمة الدولية إلى «تعزيز النقاش الفلسفي مع الاحترام للتنوّع ولكرامة الإنسان»، و«تسليط الضوء على مساهمة الفلسفة في معالجة القضايا العالمية، وتكريم التفكير الفلسفي في جميع أنحاء العالم»، فضلاً «عن تشجيع الناس على تبادل التراث الفلسفي، وفتح عقولهم لأفكار جديدة، لمواجهة التحديات المطروحة اليوم على البشرية». 
في مقابل هذه الاحتفالية، ثمّة ما يُمكن وصفهُ بـ«عزاءات الفلسفة» (في اقتباس لعنوان كتاب فلسفي شيّق)، تعيشُها بعض البلدان (أو المجتمعات) ومنها للأسف، لبنان. 
ففي الوقت الذي تُكرَّم فيه الفلسفة حول العالم، نعملُ نحن على قتلها يومياً؛ مرة خنقاً، ومرة شنقاً، ومرة ضرباً بالرصاص. وتُرانا نتفنّن بأساليب التعذيب التي نُجريها على جسد الفلسفة (نصوصها وتاريخها) وروحها (النقدّ)، سواء في مناهجنا التعليمية (الثانوية والجامعية) أو في شؤوننا العامة؛ حيث المساحةُ شبه الصفريّة التي تحتلُّها الفلسفة على خريطة تفكيرنا. 
وبعد كل هذا الذي اقترفناه، نتحسّر على ضياع المجتمع، وعلى زيادة الأمراض «العقلية» والنفسية فيه، وعلى جنوح أجياله الطالعة، نحو التعصّب، والتقوقع على الذات، ورفض الآخر. وكأننا بذلك، في عزاء مفتوح على أحوالٍ، غرُبَ فيها العقلُ اللبنانيّ، حتى كادَ يندثر.. وباندثاره، نكون قد سقطنا في «الجنون التام»، وفي الاستسلام المُطلق، أمام كل أنواع الغرائز، وصنوف الشرّ والجهل. 
إهانةُ الفلسفة في الجامعة والثانويات وفي المجتمع، عبر تكفيرها أو تقبيحها أو ذمّها أو محاكمتها، يعني تأبيد العزاء على حساب البهجة والسعادة العقلية. فهل نحن منتهون؟! 

  

أخبار ذات صلة