في زمن الكهرباء المعدومة والتقنين القاسي.. والعابر لظلمات الليل «المفقود نوره».. يترأى للمار عند تقاطع مسجد عائشة بكار إشارة ضوئية أنارت واستنارت.. وشرّعت عيونها الثلاث بحمرتها وخضرتها وحتى اصفرارها.. فاختار يا محتار بين «قف، استعد وسر».. والناجي من أي اصطدام يحقق الوعد المكتوب كمَنْ ولدته أمّه من جديد..
وعلى النقيض مشوار بسيط من عاليه إلى بيروت.. رغم حساب فاتورة البنزين وكم ستكلّف.. وما سيلي هذا المشوار البري من «تقنين» في مصروف السيارة وما إلى هنالك.. كانت الرؤية أصعب من أنْ تشاهد إصبعك في سوادٍ ليلي امتد على طول الطريق.. لم تُنِره إلا أضواء السيّارات المزعجة.. أو أنوار المحال التي غلب عليها طابع الإقفال.. فتلاشت الأنوار وتباعدت وسادت العتمة.. وسط تأملات بالوصول سالمين دون الوقع في فخ انزلاق أو اصطدام أو سائق أرعن..
أما العابر في طرقات العاصمة العريضة منها والداخلية.. فإنّه يرمي بنفسه كالمستجير بالرمضاء من النار.. فمَنْ ضحك انتخابياً على أبناء «الدائرة البيروتية الثانية».. وأوهمهم بأنّه أنار لهم طريق كورنيش المزرعة من البربير إلى ثكنة الحلو بـSolar Lights.. فإنّه كمَنْ يأمل بسقيا المياه في الغربال.. لأنّ النور «غير المشعشع» على الطريق.. يزيد من انعكاس أضواء السيارات على بعضها البعض.. فتتحوّل العتمة إلى الأسوأ و»الضوء الانتخابي» إلى أسوأ الأسوأ..
وماذا بعد؟!.. انقضى الشهر المبارك وقضينا لياليه في جوف العتمة.. لاسيما الثلث الأخير منه.. وانقضت الأعياد ما بين مسيحية وإسلامية.. و»لا تندهي ما في حدا» سلطة صمّاء عمياء.. لا نسمع منها إلا فحيح ثعابين.. تتكالب على بعضها البعض.. ونحن على بُعد 10 أيام من الاستحقاق الانتخابي.. ناهيك عمّن يعدنا بـ»الدبس من ... النمس».. كأنّه «حيشيل الزير من البير».. فارحمونا ليس أكثر.. الله لا يرحمكم!!