ما وراء المتعة والحماس وهدير المشجعين، يوجد عالم آخر تماماً، عالم سريّ إلى حد ما، لكأس العالم في كرة القدم (المونديال) المقام حالياً فوق الأراضي الروسية. إنه عالم المال والإعلانات والجوائز الكبرى والمراهنات الخيالية. كل ذلك يشكّل طبقة أو بالأحرى طبقات ماديّة فعلية تختفي كجبل الجليد تحت عناوين الرياضة واللعب النظيف وباسم اللعبة الأكثر شعبية في العالم.
لنترك الأرقام تتكلّم: تساوي مثلا القيمة السوقية لكل المنتخبات الوطنية المشاركة في المسابقة (أي ثمن اللاعبين في كل فريق بحسب أسعار الانتقالات العالمية) حوالى ١٣ مليار دولار وهو رقم غير عادي! وتبلغ جوائز المونديال المالية هذا العام حوالى ٥٠٠ مليون دولار، توزّع على المشاركين والفائزين بحسب المرحلة التي يبلغها كل فريق. ويحصل المنتخب الفائز بالكأس على حوالى ٢٧ مليون دولار. لذلك، قدّر الاتحاد الألماني لكرة القدم خسارته هذا العام بحوالى ١٢ مليون دولار بعد خروج فريقه مهزوماً من الدور الأول، فيما كان يسعى لتعويض المبلغ الذي دفعه ككلفة اجمالية للمشاركة في المونديال، والحصول على ربح صافي بقيمة ١٥ مليون دولار.
شتّان إذا ما بين خسارة مشجع ألماني في لبنان مثلا وخسارة اتحاد الكرة الالماني نفسه، والكلام نفسه ينطبق على الفوز! إلا إذا كان هذا المشجّع حول العالم قد دخل سوق المراهنات على نتيجة المباراة، فللكلام حينها طعم آخر. خسائر بملايين الدولارات لمن راهن على فوز ألمانيا شبه المنطقي على كوريا الجنوبية. وفي المقابل ملايين حصّلها أولئك الذين راهنوا على فوز كوريا العجيب! والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تتحكّم المراهنات المليونية بما يجرى على أرضية الملعب؟ أليس من الأفضل لنا أن نُغمض أعيننا ونصفّق للفرق التي نحبّها؟!