بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

29 تشرين الأول 2021 12:00ص النداء!

حجم الخط
يجلسُ في مقعده المتوثّب. ينتظر النداء باسمه. جميلٌ أن نُنادى بأسمائنا يقول! نداء الوجود خصوصاً. ما يتعدّى بلغتِنا لغتَنا. لكنْ ألًا تسمع نداءك القريب ولا البعيد؛ فهذا هو الفقر بعينه. يتقدّم خطوات قليلة إلى اليسار وفي يمينه أوراقه الحُسنى. ها هو يُبادر عند أول تردادٍ لطيفٍ لاسمه. عَصَر التردّد بين يديه.ترك قدميه في محلّهما من الإعراب وغادر أرضه. أفكارنا مُسطّحٌ دائم مهما بلغت درجة عمقُها. نزل السلّم إذًا صعودًا. رمىَ فكرةً مكسورةً في سلّة المهملات ومشى خفيفًا مثل فتحة. للأماني أجنحةٌ بالطبع وإن بقيت مضمومةً إلى حين؛ بعضها من حديد وبعضها من خشب. كلاهما يحملان الموت سفرًا أبديًا. وهو لم يلعب بالنّار يومًا ليعرف شيئاً عن الزمن. يجيء الموعدُ آخرًا. يسبقه اللقاء، وتسبق الابتسامة الكل. ليس الحبّ هو المسألة بل كل ما يُعاديه تمامًا. الكره مجرَد محاولة نظر في الكوب جهةَ الفراغ. فلا حاجة لعربيّةٍ تُعيد للأطلال لسانها، ولا لسيفٍ يُقطّعُ بحور  الخليل في وجه فرعون. كل بداية التواء لنهاية، وكل نهاية بداية أخرى. لم يبقَ للذات سوى آخرها. صار للجميع آخر يبحثون عنه. وحده الوطن أصبح ظلاً تدوسه النوايا. الظاهر مسرحية سمجة ومُقلقة في تكرارها المهيب. يُغلق الستارة من ورائه. يُلقي عينًا على زجاجة باردة أمامه، ويمسح عنها أصابع لا يحملها. انتهى الإجراء تقول له الموظفة في مركز تقديم التأشيرات. أي إرادة جعلت الأوروبيين على حيل واحد؟ وأي قوة طاردة تجعل العرب طرائد لبعضهم ولغيرهم؟ ينتبه الأوروبيون إلى المرآة التي صارت أكثر  الأشياء جلاء عندهم، بينما يتلهّى العرب في صورهم التي صارت أكثر سواداً بين كل الأشياء! يخرج من المبنى المُحصّن بالأمل ويملأ رئتيه ثانيةً بحياة ملوّثة. يقطع الشارع نصفين غير عادلين. ويُسقط قلبه في حفرة بينهما.


أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!