بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

3 تشرين الثاني 2017 12:05ص بابٌ سيُغلق غداً

حجم الخط
أمام الموت، ليس ثمّة من عزاء إلا الحزن. أن تحزن قلوبنا قدر مستطاعها، وأن يهتزّ كياننا قدر هشاشته، وأن نطفق نبحث عن معنى لوجودنا؛ فلا يكون سوى التناهي حدّه المرّ. لا نملك ساعتئذ غير إرادة الوداع، بما يليق بالراحل عنّا، الغائب أبداً عن أعيننا... ولكن هيهات لنا ذلك! نترك نصفَه في التراب، ويتركنا نصفُه الآخر حيث نقف هناك، وحيدين وسط الذهول، في منتصف المسافة بين الحياة والموت.
أمام الرحيل، فجأة تنتبه أن من تودّعه لا تعرف عنه سوى القليل! ذاكرتك المصدومة من هول الخبر، تُهاجمها عشراتُ الأسئلة من النوع المرير: ماذا لو...؟!
ندمٌ، حسرةٌ، وإحساس كئيب بأنّ ما فاتك من صاحبك أبعد من أن يمنحك الرضى عن السنوات التي زرعتها من حوله، وأنت تسعى لأن تفهمه، أو تحيطه بالحب والحنان. 
وقتٌ طويل سينقضي قبل أن تتصالح مع ذاكرتك المجروحة، أو تستمد منها متعة الانسحاب من حاضر حافل بالأقنعة، نحو وجوه باتت أكثر الأشياء سلاماً على الأرض.
لا يترك لك الموت حصة وداع تليق به؛ أو تليق بك. كالبرق يمر ساحباً معه ناصية الزمن، فيما الرعود المكدّسة في قلبك ذات شتاء، عبثاً تصرخ للحاق بخيطه الرفيع.
ربما لأنّ في كل موت لغيرك ثمة موتاً مؤجلاً لك، يتأرجح بين لحظتين مراوغتين؛ اقتراب وابتعاد دائبان، كدائرة حول عنقك، تتوسع وتضيق، تشتد وترتخي. 
فأنت أيضاً.. شيءٌ فيك يموت مع كل موت، شيءٌ يغادرك بلا رجعة، شيءٌ ينساك وتنساه. ثمّة غريبٌ يولدُ بين ضلوعك المكسورة بالفراق. 
تمسح دمعة عنيدة وتمشي.. بابٌ سيُغلق غداً، يحبسُ العتمة في الزوايا الحادّة لروحك، وآخر سيُفتح رويداً رويداً على مجرات بعيدة.

أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!