بعيداَ عن تُرّهات السياسة ومساخر جلسات التشريع.. وفي عمق الأزمات المتوالية سواء على صعيد المال العام المنهوب أو الخاص المسلوب في المصارف.. كما احتراق أدنى مقوّمات العيش بكرامة على جمر الغلاء وانهيار العملة الوطنية وارتفاع سعر دولار السوق الموازية.. ما انسحب على الدواء والكلاء وكل مفاصل الحياة ولو حتى قطرة المياه..
راحت ترّدد أغنية دفعني كلامها إلى خفض صوت «راديو السيّارة».. لأتمكّن من سماع ما تقوله إبنة الأعوام الثلاثة خلال توجّهنا من المدرسة إلى المنزل.. وإذ بها تنشد تحفة فنية أقل ما يمكنني قوله عنها إنها «أيقونة» على وزن «بوس الواوا» في ألفنا الثالث..
وقالت: «بسبوس عاشق بسّة.. بدلّعها بسبوسة.. ويلحقها من بيت لبيت.. ويقلا اعطيني بوسة».. مصحوبة بهز أكتاف واندماج وكأنّها ترتّل رائعة «كوكب الشرق» إنت عمري.. اللي ابتدا بنورك صباحو..
ولكن ما أنْ وصلنا إلى المنزل كانت الصدمة تحملها إبنة السنوات الخمس.. مع New Release للأغنية «التحفة».. ولكن هذه المرّة انتقلنا من القطط إلى الدببة.. لتُنشد: «دبدوب عاشق دبّة.. بدلّعها دبدوبة.. ويلحقها من دار لدار.. وينادي يا حبّوبة».. وشو رأيك يا بابا بهالغنيّة شايف شو حلوة؟!.. فسألت من وين عم تتسمعوا على هالأغاني يا بابا؟!.. فكان الجواب على الـTikTok..
وسارعتْ لاستحضار الأغنية كي أراها بعيني وأسمعها بأذني.. ويا ليتني لم أفعل.. فإقاعها «طرق بطرق.. وخبط بخبط».. ورقص وجنون وقفز وهبل.. فلعنة الله على وسائل تواصل تُخرِب جيلاً يترعرع على هرج ومرج وانحلال أخلاق..
ولا تتّمة للحديث عمّا دخلنا به بعد الغداء من رحلة طويلة لإقناع طفلتين.. بأنّ ما يسمعانه أو يريانه هو انحلال وتخلّف وهناك ما هو مُفيد أكثر.. وعند فشل المحاولات لم يكن أمامي سوى البحث عن App لحجب كل هذا الـ....