تدخل المرأة الاربعينية الى الصيدلية تبحث عن دواء لمرضها المزمن لا تجده ،اما من بديل؟ لا، ما العمل؟ تقصد صيدلية اخرى والجواب: مقطوع،تكرر المحاولة في اكثر من عشرين صيدلية والجواب نفسه، هل محكوم علي بالموت؟ تسأل آخر صيدلي تقصده، يجيبها آسفاً: «كل الناس متلك»، هو جواب احد محتكري الدواء، تنظر اليه وتقول تفوه عليك وعا كل مسؤول «بها البلد».
يقف الشاب الثلاثيني في طابور طويل منذ ساعات الصباح ليحظى بما يحرك سيارته الى عمله وليس من اجل النزهة ،ينتظر مع كثير من المذلولين في الطابور يتبادلون الهموم ، وقبل الوصول الى دوره يرفع صاحب المحطة الخراطيم ويعلن نفاد البنزين، يسأله بعصبية كيف ذلك ونحن ننتظر منذ الصباح وانت تمرر من خلف المغاسل السيارات التي تريد؟ يستدعي صاحب المحطة القوى الامنية لابعاده، يصرخ في وجههم تفوه عليك وعا كل مسؤول «بها البلد».
تقصد المرأة الخمسينية «لحّام الحي» تسأله ما سعر الكيلو اليوم يجيبها بأسف: 140 الف، اف لماذا هذا الارتفاع اليوم؟ يرد بعصبية: كل شي «ولّع بالبلد شو وقفت عا اللحمة؟ تطلب وقية مفرومة، تنظر اليه يضع قطعة يكاد اللحم لا يظهر فيها من كثرة الدهن، تصرخ به تبيعوننا بهذا السعر وتعطونا دهن بدل اللحم، يقول لها اذا لم تعجبك اقصدي لحّاماً آخر، تصرخ تفوه عليك وعا كل مسؤول «بها البلد» اللي وصلنا لهون.
يطلب ابن التسع سنوات ربطة خبز من «الدكنجي» ويعطيه اربعة آلاف وفق تسعيرة الوزارة «العظيمة» يرد الدكنجي بقي الف ليرة، ولكن سعرها اربعة آلاف يقول الولد ، يرد الرجل بـ«نمردة»: اذا ما عجبك روح اشتري من عند من الوزارة اللي سعرتا، يذهب الولد الى امه يشكوه فتاتي مسرعة الى الرجل وتقول له :تفوه عليك وعا كل مسؤول سرقنا وترككم تسرقونا.
هي عينان من المجتمع اللبناني الذي يرزح تحت وابل من الازمات و«ما بيطلع بإيدو الا يقول تفوه عليهم» هل تظنون ايها «الباصقون» ان بصقكم عليهم يؤثر بهم انهم يظنون ان السماء تمطر.