بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

9 كانون الثاني 2023 12:00ص تنجيم

حجم الخط
تناوب المنجمون خلال فترة  الأعياد على شاشات التلفزة بمظاهر مختلفة يحملون أقاويل تركز كلها على المستقبل وماذا يمكن أن يحمل.
وتلك ظاهرة قديمة قدم وجود وتكوّن المجتمعات البشرية الأولى على  ضفاف الأنهر وهي الأفضل للاستغلال والتسويق لأن الإنسان بتركيبته يخاف الغد المجهول وعندما يأتي من يحمل له انباء عنه يكون مدفوعاً للتلقي.. وينعكس ذلك ليس فقط في مجال التلفزة، فأحد المعنيين بمعرض الكتاب على سبيل المثال يقول ان أكثر الكتب مبيعاً كانت كتب التنجيم والطبخ، ولعل هذا ما دفع إحدى المنجمات ان تدفع إلى السوق بكتاب لها مع سعر خيالي  يقارب المليون ل.ل..
هذا التقبل لهذه الظاهرة المرتبطة بالخوف من الآتي يزاد ارتفاع منسوبها مع ازدياد الضغوط الحياتية مادياً ونفسياً على أي مجتمع، وعلى هذا الأساس قد تكون هذه الاطلالات التنجمية هي الأكثر متابعة من قبيل البحث عن الأمل الذي تستحيل الحياة بدونه، فاليأس هو جزء من الموت.
وشركات التلفزة هي مجرّد مؤسسات تبغي الربح المادي وبالتالي الإعلانات التي تحول هذه الإطلالات، من هنا نفهم هذه الغزارة في هذه الاطلالات، وهي في الوقت عينه دلالة على مدى الضغوط التي يتعرّض لها مجتمعنا بفعل السياسات التي أفقرته وجعلته يعيش في أجواء العوز والخوف وانتظار هذا النوع من الدجل والاستهتار بالعقول.
وفي نظرة اجمالية للموضوع، عندما لا يبقى للمجتمع أية وسيطة لقطع دابر الخوف من الغد فماذا بإمكانه أن يفعل؟..
هل هناك غير المتمسك بخيط واهٍ من الأمل؟ وعلى ذلك يبني الكثيرون أحلامهم بأن كبير المنجمين قال في مقابلة عند رأس السنة،  ان المؤشرات كلها التي تلقاها من الغيب تُشير إلى انفراجات كبيرة وأن صفحة المستقبل بيضاء وأن الازدهار وراحة البال على الأبواب.
كم نتمنى أن يكون توقعه صحيحاً..
ولكن أولاً وأخيراً..
كذب المنجمون ولو صدقوا.
أخبار ذات صلة