على طريقة جحا تُدار الأزمات في لبنان، تلك الشخصية المُضحكة التي لعبت ولا تزال، دور المستشار لحل المشاكل على مر العصور، من الواضح أنّ المسؤولين يتّخذون منها مثالاً لحل الأزمات التي تعصف بلبنان.
كلام قد يجده البعض ضرباً من الجنون، ولكن بالاطلاع على بعض السطور المنقولة التي تُعبّر عن واقعنا المؤلم، نكتشف كيف تتعامل الدولة مع الأزمات المتتالية التي أرهقت اللبنانيين.
حكمة جحا كانت لرجل ذهب إليه يشكو مشكلته، بأنّه يسكن مع زوجته وأطفاله الستة وأمه ووالدة زوجته في غرفة واحدة، فقال له جحا: إذهب واشتر حماراً وأسكنه معك بالغرفة وعُدْ بعد يومين!.. نفّذ الرجل ما قاله وجحا، وبعد مضي اليومين عاد قائلاً له: الأمر أصبح أسوأ.. فقال جحا: إذهب واشتر خروفاً، وضعه معك في الغرفة!
ليعود الرجل إلى جحا ووجهه شاحب، وقال غاضباً: الأمر أصبح لا يُطاق!.. فقال جحا: اذهب واشتر دجاجة!.. فعاد الرجل وقد أوشك على الانتحار، حتى قال له جحا: إذهب وبِعْ الحمار وأخبرني.. فعاد الرجل وقال له لقد تحسّن الأمر قليلاً.. ثم قال إذهب وبِعْ الخروف!.. فعاد الرجل قائلاً: الوضع إلى الأفضل، فقال جحا إذهب وبِعْ الدجاجة.. فرجع الرجل وقال له: أنا في أفضل حال أشكرك من القلب.. فأنا اليوم مدين لك مدى الحياة! علماً بأنّ ما اشتكى منه بقي على حاله.
بهذه الطريقة يخلق المسؤولون في لبنان مشكلات جديدة للناس، ينشغلون بها وتجعلهم يتنازلون عن مشكلاتهم الأصلية في سبيل التخلّص من هذه الإشكاليات، إذ عندما بدأ الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات تأفّف الشعب، فجعلوهم ينتظرون في «طوابير الذل»، وقطعوا عنهم الكهرباء، وابتدعوا أزمة الرغيف والسلع الغذائية والدوائية بحجّة عدم توفر الدولارات، حتى بات الناس بأنفسهم يُطالبون برفع الدعم عن كل شيء، ليؤمّن لهم النور والدواء والرغيف، فنسوا هذا الضيق تجنّباً لضيق أكبر، حتى أنّهم باتوا يلعنون الزمن عوضاً عن لعن ومحاسبة مَنْ أوصلهم إلى هذا اليوم الأسود.