طرق باب مكتبي مُعرّفاً عن ذاته بأنّه «دكتور في الهندسة المعمارية».. ولديه ما يُدلي به علَّ الإعلام ولو كان مكتوباً.. يُنصفه فيما عجزت أروقة القضاء «المسيّس» و»الزعاماتي» في لبنان عن أنْ تمنحه ولو جزءِ من جزءٍ.. من حقّه السليب على مدى 14 عاماً قضاها ما بين طبيب شرعي وآخر مختص ومُحامٍ وقاٍض ومسؤول.. ونقابة حمت الظالم وشرّعت الباب أمام أخطاء طبيّة تتوالى..
14 عاماً ولا تزال قضيّته «الجريمة» عالقة ما بين الأدراج والملفات.. هذا الطبيب الشرعي مدعوم «زوّر تقريره».. وذاك الطبيب الشرعي يهاب الجهة المُدّعى عليها.. وهذا القاضي تنصّل وانسحب من القضية.. وذاك المحامي تخوّف وفرَّ مُردّداً «أنا منّي قدّون»..
عُمُرٌ مضى على ما يقول بأنّها جريمة قتل متعمّدة لوالدته في إحدى كبريات المستشفيات في البلد.. حتى أنّ أحد القضاة تهكّم سائلاً عن عمر المجني عليها حين الوفاة.. ومتى علم أنّه كان 80 عاماً فنهر المُدّعي قائلاً: «كل هالعذاب وعمرها 80».. فبادره الأخير: «أنا بدّي حق إمي.. وشو خص العمر».. فأجابه: «إذن إنتظر وضيّع سنوات العمر.. فمن تدّعي عليهم يراهنون مع التأجيل لسنوات على موتك وأنت قد شارفت على الـ70»..
جاءني يسأل عن وسيلة لرفع الصوت.. وسيلة يستصرخ فيها ضمائر نامت أو ذهبت في غيبوبة أبدية.. وعدّته خيراً وأغلب الظن أنّ الخير الذي من الممكن أنْ تفعله وسيلة إعلامية ورقية أقل بكثير من وسيلة إعلام مرئي.. ولكن حتى ولو مهما فعلت فإنّ مَنْ يتحكّمون بمفاصل البلد ورقاب البلاد والعباد.. طمسوا معالم اغتيال عمر بيروت وجريمة «نيترات الأمونيوم».. طمسوا معالم جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.. طمسوا معالم جريمة اغتيال لقمان سليم.. طمسوا معالم اغتيال شهداء ثورة 17 تشرين.. وطمسوا وجه البلد في روث الحياة.. فهل من مجال بعد لقضاء نزيه في بلد لا شرف فيه؟!