يخبرني قريبي المغترب في احدى الدول «المحافظة على حقوق الانسان والحيوان معاً» ان القوى الامنية هناك غرّمت صاحب محل «لبناني» بـ11 الف دولار لعدم وضعه لائحة الارشادات في مواجهة كورونا على مدخل المحل، والتي تنبه الزائرين الى ضرورة ارتداء الكمامة، كما انه جرى تغريم راكب طائرة بعشرة آلاف دولار لأنه رفض ارتداء الكمامة، ويتحدث قريبي عن تشدد السلطات في تطبيق السلامة العامة لكافة المواطنين في تلك الدولة، وفي منع التجمعات والزيارات مع ازدياد خطر كورونا دلتا.
سألته: وهل تؤمّن السلطات لكم احتياجاتكم في حال منعت التجول، يجيب ضاحكاً: تسمح لنا بالخروج لتأمين الحاجيات مع التشدد بوضع الكمامات والتباعد، ولا تسمح لنا بالزيارات والوقوف مع الآخرين في اماكن التسوق، لكنها طبعاً تدعمنا مادياً بسبب التعطيل القسري للاعمال.
استمعتُ اليه وفكري ذاهب في مقارنة بين وضعنا المزري في لبنان ووضعهم في تلك الدول، فكرت كيف يسمون لبنان بمنارة الشرق او سويسرا الشرق، فهو لا يشبه اي دولة حضارية في العالم، لا من حيث الالتزام بالقوانين ولا بالاهتمام بالمواطن. هو يشبه غابة تعبث بها الحيوانات المفترسة، القوي يأكل الضعيف او يأكل له قوت يومه، جميع الحيوانات فيها استفرست فلا تترك للضعفاء قوت يومهم، وحكام الغابة يشجعونهم على جرائمهم على اعتبار ان «لهم في الطيب نصيب».
ولكن السؤال الذي تبادر الى ذهني: برأيك يا قريبي كيف نحوّل غابة مثل لبنان الى دولة حضارية مثل التي فضلت العيش فيها على غابتنا؟ او بالاحرى كيف نروّض هذه الحيوانات لتدعنا نعيش بسلام بعد ان حوّلت حياتنا الى جحيم؟ يجيب بكل برودة: امامكم خيار صعب لأن الحيوانات المفترسة من الصعب ترويضها، والحل لإخراجها من الغابة هو بافتعال حريق كبير، عندها ستهرب وترتاحون منها الى الأبد وان خسرتم بعضاً من غابتكم.