بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

19 كانون الأول 2019 12:00ص ست سنوات!!

حجم الخط
بالأمس ختمنا العام السادس على رحيلك.. بالأمس استرجعنا الألم الذي لم يغب أصلاً.. بالأمس ناجيتك وقبّلتُ مرقد رأسك.. ذرفتُ فوق ثراك الأبدي بعضاً من دموع خرجت ممهورة.. بفرحة يقيني من أنّ بارئك اختارك إلى جواره كي لا تعايش هذه الأيام السوداء التي نمر بها..

ست سنوات والضنك يزداد يوماً تلو آخر.. والعيش تضيق سُبُله والساسة يسرقون أحلامنا.. إلى أنْ انفجر تنور ألمنا ووجعنا في 17 تشرين الأول.. غابت عنّا عيناك وللمرّة الأولى أبتهل للرب.. لأنّه لم يدعك ترى ما نراه يومياً.. مشهدنا اليومي استعادة لـ«زمن الطائفية».. بل هو استعادة لغوغائية وفقر واستخفاف بالشعب الذي يطالب بحقّه بالعيش.. فيما أصحاب العروش مُصرّون على أنّه لا يحق لنا حتى العيش.. 

ستة أعوام «جوّعونا.. هجّرونا.. ذلّونا».. حتى زيارتك بعدما كانت على مرمى حجر.. أصبحت بين الحين والآخر لبُعد المسافات.. وما زلتُ يا أبي أستعيد صلابتك وقوّتك لأقتبس بعضاً من روحك الطاهرة.. فأجابه جبروت الأيام والصعاب التي تغمرنا.. والظروف المأساوية التي نعيشها.. فقد قتلونا «حرقاً وغرقاً وعلى أبواب المستشفيات».. حرموا أبناءنا العلم القويم.. ورفعوا عن أرواحنا ستار راحة البال.. فأصبحنا ننام على همٍّ ونستيقظ على آخر.. هذا إذا تيسّر لنا المنام ولم تتماه أحلامنا مع كوابيس اليقظة..

وإذا ما قلتُ اشتقتُ إليكَ.. أظنّها أقل بكثير ممّا أشعر به.. فأنانيتي تسألكَ: لِمَ رحلتَ وأنتَ كنتَ السند والكتف الذي أتكئ عليه.. بل السيف الذي يبتر كل يد تمتد إليَّ بسوء.. والراح التي تكفكف دمعي.. والمارد الذي يقف في وجه العاتيات من الرياح ليصد هوجائها عن أحلامي.. حتى تعود «أبوّتي التي اقتبستها منك».. وتخبرني بأنّ «استعجالك الرحيل» ما هو إلا شوق من رب العالمين لتكون إلى جواره.. بعيداً عن بلدنا الذي حرقته هبّة ريح.. وأغرقته زخّة مطر.. وأفلسه ساسته.. وخربه بعض من أهله؟.


أخبار ذات صلة