بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

21 كانون الثاني 2021 12:00ص سيموتون من تخلّفهم!!

حجم الخط
من على شرفة المنزل رأيتها تنظر إلى الشارع بتمعّن وتتنهّد.. إبنة السنوات الـ5 سارحة في ملكوت الرحمن.. منها اقتربت وسألت: إلى أين سافرت عينا المهى تلك؟!.. وبماذا تفكّر ولماذا؟!..

وإذ بجوابها صدمة أكبر من سنواتها الخمس.. فقالت: «يا بابا أنا كتير زهقانة وبدّي إضهر من البيت.. بس لأنّو في كورونا قاعدين بالبيت.. وشوف الناس كيف عم يتمشّوا بالشارع.. وما عندن كمّامات ولا Alcool ولا خايفين يمرضوا»..

فأجبتها: «يا بابا إنّهم متباعدون.. والأطباء يقولون بأنّ الوباء لا ينتقل بالهواء.. يعني في الشارع الوضع أكثر أماناً من الأماكن المُغلقة».. فرمقتني بابتسامة صفراء وقالت: «لاء يا بابا منّون بعيدين عن بعض.. شوف».. وأشاحت بنظرها إلى هذه الزاوية وتلك البعقة.. ذاك الموقع وهنا وهناك.. 

منهم مَنْ تجمّعوا على باب أحد المحال المخالف لقرار الإقفال.. ومنهم مَنْ تخالطوا «حوالى 4 شباب» يدخّنون النرجيلة على الرصيف).. ومنهم مَنْ تحلّقوا حول عربة الخضار.. وحتى رهط من الفتية والنسوة تجمّعوا على أدراج أحد المساجد.. في مسعى للحصول على عطية من هذا أو مكرمة من ذاك..

وأردفت: «شفت يا بابا؟!.. إنتَ ليه ما بتكتب بالجريدة إنّو في ناس ما عم يسمعوا كلمة عمّو الشرطة.. حتى يجي عمّو الشرطة وكمان عمّو الجيش.. وياخدوهن كلن كلن على الحبس.. لأنّ نحن صار زمان ما عم نضهر من البيت.. وما حدا عم يجي لعنّا حتى تيتا.. والمدرسة يا ويلي شو اشتقتلا وبكره إدرس Online.. والناس الشريرة ضاهرين بالطريق»..

لم يكن أمامي إلا الصمت.. فبماذا عساي أجبيها؟!.. فهل أحاول نكران ما تراه عيناها.. أو أنسف شعورها بالأسى لغباء شعب.. لا يمكن وصفه إلا بالمتخلّف.. فإنْ لم يموتوا جوعاً فهم حتماً سيموتون من تخلّفهم في مواجهة الوباء..


أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود