بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

28 أيار 2020 12:00ص شياطين التفاصيل!!

حجم الخط
يوميات «كورونا» أصبحت رحلة صعاب نعيشها رغم أنوفنا.. ليس لأنّنا نخاف الوباء وتداعياته.. بل لأنّنا نهاب غباء المُستهترين والمُتناسين لأُسُس الوقاية.. والمتلاعبين بمصائرنا على إيقاع تفشّي غبائهم.. تحت راية «ما قادر إتحمّل بعد.. اختنقت من القعدة بالبيت.. إيمتا بدنا نرجع لحياتنا الطبيعية»..

على اعتبار أنّ حياتنا قبل الوباء كانت خيراً مُفعماً بالنور.. فكُنّا نحيا ليالي النعيم ونهارات الخير.. فلا غلاء ولا فقر ولا جوع ولا استزلام.. ولا حتى سمسرات على حساب المواطن.. ولا موت على أبواب المستشفيات بسبب نيران الفاتورة الاستشفائية.. والكهرباء متوفّرة ونُصدّر منها الفائض.. ونفطنا الأبيض نصبنا على عتباته السدود.. واستخرجنا الغاز والنفط من يمّنا الأزرق.. الذي لا تغلّفه فيضانات المجاري أبداً بتاتاً.. 

للأسف.. أصبحنا نترّحم على ما نراه من صور عن بلدنا زمن «الترامواي».. و»ساحة البرج» و»سينما ريفولي».. ونغصُّ حتى النزف حين يُخبرنا الآباء عن بيروت أيام الستينات.. تلك المدينة التي كانت «لاس فيغاس» ليلاً.. وست الدنيا نهاراً.. تلك المدينة التي عمرت بأهلها الذين كانوا يحبونها.. فجاءت «شياطين التفاصيل» لتخرّب وتُقسّم.. وتترك إرثاً طائفياً مذهبياً مناطقياً..

أصبحنا نخجل من حُكّام همّهم المناصب والكراسي والنفوذ.. بينما قادة الأمم الأخرى حوّلوا الصحارى إلى جنان.. وتجاوزوا حدود السماء.. وغاصوا في أعماق المُحيطات.. وحقّقوا العجائب في ظل انغماسنا بوحول الطائفية.. وتلطّينا في ظلال هذا الزعيم وذاك المسؤول.. الذين تتّسع عروشهم وتكبر كروشهم.. وحساباتهم المصرفية تتّجه فوراً إلى سويسرا.. ونحن بين ظهرانينا من أصبحوا يُبحرون في مستوعبات النفايات.. بحثاً عن بقايا حياة زائلة.. علّها تسد رمق الساعات الباقية في بدنيا الذُل..

 


أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!