بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

25 كانون الثاني 2019 12:10ص عزف على وتر الأنا..

حجم الخط
من نكون؟ سؤال يحتاج إلى فسحةٍ في أشد الأماكن ضيْقاً، أي داخل أنفسنا العميقة،  التي تتاخم ربما أنفاسنا الأخيرة. بين النزول والصعود ينبسط السؤال إذن. يتلوّن بأحوال كثيرة بين الفاتح والداكن، ويتشكّل بأطوار شتّى بين العلو والهبوط. فعندما تتكاتف الأوتار يكون ثمّة عزف، وتكون ثمّة موسيقى؛ مثلما ينفلتُ معنىً ويبلغ مداه الأوسع حين تنغلق العبارةُ على ضلوعه. 
قد يمنحنا آخرٌ ما، فرصةً لاستبصار أكبر في هذا السؤال الأهم من بين جميع أسئلتنا الملقاة علينا، بإرادة منّا وبغير إرادة؛ حين نكون قد أتينا إلى الحياة متأخرين جداً. نقف إذذاك في فسحة هذا الآخر؛ نُغادر بعضَ ذاتنا، ننظر في وجوهٍ فيها لم نلمحها في الماضي قط، ثمّ نختار أن نعود إلينا (ها)، أو أن نبقى في رحلة طويلة على أجنحة الصُدَف السعيدة مرّةً، والحزينة مرّات. 
كل شيء من حولنا، يُقدّم لنا هذا الإمكان على الانفساح الداخليّ، على شطر أنفسنا ما بين رغبةٍ هنا تجاور الليل، ورغبة هناك أجهضها النهار، وما بين أملٍ مشدود على قوس نجاحات قليلة مثل حصّتنا من الأعمار، وآخرٍ ضاع صوتُه الليلكيّ في غمرة الإنفعالات، وغمار الحناجر. 
كشمعةٍ تراقص الريحَ وتخدش حشمة الظلام العجوز، المُقعد على عربة الزمن، يكون سؤالنا الوقور عمّن نكون؟ وسط كل هذا الذي كان، والذي بعدُ سيكون! 
سؤال قد يأتي من بعيدٍ، ليطرق بابنا ذات سكون، ويدخل دارنا كمسافرٍ تقطّعت أوصال الأجوبة تحت قدميه. هل نشرب قهوة الصباح مع هذا المُشرّد على أعتاب أنفسنا كي يصير صديقاً لنا، أم ندخل غرفنا الحميمة مجدداً، ونتركه بلا ضيافة؟  


أخبار ذات صلة