بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

4 تشرين الثاني 2021 12:00ص علبة طلاء أظافر!!

حجم الخط
وقفت أمام رف الألعاب تنظر بملء عينيها.. ونفسّها الأمّارة بما تهواه تُفاضِل: أُريد هذه.. لا أُريدُ تلك.. لا تلك أو تلك بل تلك.. حتى أغمضت عينيها وقالت بصوت منخفض جدّاً: سآخذها كلّها..

اقترب وسأل: ماذا اخترتي يا مُهجة النفس العليلة.. أجابته: كل الألعاب.. فسارع ليبلغها: «انشا الله إقدر جبلك لعبة وحدة بس».. فاكفهرَّ وجهها وبعبوس وشفاه لفّها الزَبَد قالت: «بفتح الإجّة وبجيب لعبة إلي ولنونا كمان وأدّومي»..

حضنها وقال: «يا بابا أنا كتير بحبك.. والله يرجّع إيام الخير حتى جبلك كل شي بدّك ياه».. فقالت: «لاء يا بابا الله يخليانا ياك.. إنتَ عم تدفع للبيت والأكل والشرب.. وعم تجبلنا تياب وبدّك تعملّي Birthday.. ما بدّي إلا سلامتك يا عمري إنت»..

رقصت أضلع ما في صدره.. وحملته أجنحة الملائكة على بساط من حرير.. بل قفز من فرط فرحه بكلام إبنة السنوات الـ5.. حتى غسلت اللآلئ وجنيته مُردّداً: «الحمد لله الذي أعطاني.. الحمد لله الذي وهبني يوماً أسمع فيه من طفلتي كلام الكبار»..

ووصلا إلى نهاية المطاف.. واختارت «علبة طلاء أظافر» لمن هُنَّ في مستوى عمرها الطفولي.. وغادرا والفرح يتراقص بين الجفون والشفاه.. تغنّي للمكياج الذي سيكتمل بالـminicure.. على اليدين الصغيرتين.. اللتين ستتزيّنان بخاتم زهري و»إسوارة» وردية..

وفي طريق العودة المزدحمة بقطع سائقي الأجرة للدرب.. بسبب الارتفاع الجديد في سعر البنزين.. وبين صريخ هذا وعويل ذاك وانتفاض ذلك.. كانت الأمير الصغيرة تغني «عيد ميلاد الليلة مين».. وكلماتها تعزف على أوتار فؤاد والدها.. حتى تراقصت كل خليّة في جسده الأربعيني.. فيما العالم من حولهما يضجُّ بالمواجع والآلام.. وهما تغمرهما سعادة لا تُشترى بمال جمعه قارون على مر القرون..     


أخبار ذات صلة