بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

14 أيلول 2018 12:05ص عنترنت!

حجم الخط
أَنْحَتُ هذه الكلمة المركّبة من مقطعين من أجل أن أشير بوضوح تام إلى ما آل إليه العصر الجديد من هيمنة للانترنت وملحقاته على حياة الناس إلى درجة الاستقواء والاحاطة القهرية. من هنا اللجوء إلى كلمة «عنتر» لما لها من دلالة فارقة على رجل الحيّ «القبضاي» أو صاحب الغلبة العضلية على غيره من الناس. 
فالانترنت من حيث استخداماته وتطبيقاته المتطورة باستمرار، والذي يثير الاعجاب من جهة والحذر الشديد من جهة أخرى، باتت له «عنترياته» الخاصة وفصوله التي لا تنتهي من استعراض مسرحي (عبر الاعلان التلفزيوني خصوصا) للقدرة التكنولوجية الهائلة المولجة بمهمة قلب عادات الناس وشؤونهم رأساً على عقب. 
أصبحنا نسمع عن حكايات كانت في الماضي تدغدغ خيالنا، فإذا بها تتحول إلى واقع حقيقي لا مفر منه. 
مثلا، صاحبة محل تُتابع أمور البيع وتحركات الموظفين وأنفاسهم، بواسطة كاميرا رقمية موصولة بجهاز كومبيوتر في منزلها. تُعطي الاوامر طوال الوقت، وتصرخ بوجه هذا الموظف او ذاك عبر المسافات البعيدة. والويل لمن يتأفف من عُصابيّتها أو يشتكي من عيْنها الالكترونية التي لا تنام. 
الخيال الافتراضي (ما يعود للانترنت وبرمجة الكومبيوتر) لا حدود له مطلقاً. يأخذك إلى كل مكان وأنت في مكانك قابعٌ. 
آخر هذه الصيْحات ليس السفر في أرجاء المعمورة بواسطة لوح الكتروني بحجم كف اليد، بل حضور جنازة شخص قريب أو عزيز عليك، والمشاركة في مراسم الدفن وتقبّل التعازي، من على أريكتك المريحة في البيت. وبذلك يكون «قد عدّاك العيب» كما يقول المصريون. 
وغداً ربما نختبر «عنترة النت» مجدداً في الإنجاب عن بُعْد، بعدَ أن نكون قد كبَسْنا على أزرار المواصفات التي نريدها لأطفالنا! هل نقول: كذب العلم ولو صدق؟!

أخبار ذات صلة