بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

13 تشرين الأول 2021 12:00ص غربة

حجم الخط
عندما يكون المرء مُثقلاً بهمومه ومشاكله، يظنُّ نفسه الوحيد المُعذّب على الأرض، ولكن مع تأمّلي لمشهد عشرات الطيور وهي تتخبّط بين بعضها بحثاً عن ملاذ آمن لها بعدما سلبها أيّاه قرار جائر من أحد المسؤولين عن بعض الأبنية بقطع الأشجار المعمِّرة على الطريق.

هذه الطيور اعتادت لسنوات، العودة أسراباً مع غياب الشمس للمبيت بين أحضان هذه الأشجار، وربّما تكاثرت وكبرت عوائلها فيها، ولكن مع قرار قطع هذه الجذور اختفت تلك الأغصان التي كانت بمثابة منزل لهم، وبقيت الطيور على مدار أيام تعود إلى نفس المكان علّها تجدها لكن دون جدوى، ومع مرور الوقت أدركت أنّها ستعيش الغربة داخل وطنها.

حال الطيور والحيوانات في بلدي كحال شعبه، الذي يعيش الغربة داخل وطنه، أليست الغربة في الوطن أشد قسوة من تلك التي تتعدّى جدرانه وحدوده الجغرافية، ما أقسى أنْ تحيا هذه الحياة، وأنتَ في وطنكَ غريباً ولا تحصل على أدنى حقوقك، ما أقسى أنْ يُمارَس الظلم عليك فتهضم حقوقك فيه، ما أقسى أنْ تعيش فيه بلا مأوى ولا زادٍ، ولا أدنى مقوّمات الحياة الكريمة.

رفضنا الهجرة خوفاً من الغربة التي حرقت قلوب البعيدين والأقربين، فضربتْ لنا موعداً على أرض الوطن، بعدما حرمنا المعنيون من أبسط حقوقنا.

اللبنانيون هاجروا سابقاً والأهداف كانت متواضعة، لكنهم الآن يُسابقون كل دول العالم الثالث إلى حيث يعتقدون أنّها أوطان بديلة، تؤمّن لهم بديهيات حقوق العيش البسيطة، كهرباء وماء واستشفاء وتعليم... فالفقر في الوطن غربة.. والغنى في الغربة وطن..








أخبار ذات صلة