بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

12 نيسان 2019 12:25ص فليُعْلنوا الأرقام إذن!

حجم الخط
اصرف عِشرْ الورقة النقدية المسمّاة ١٠٠ ألف ليرة، يهتزْ كيانُها اهتزازاً عنيفاً، ثمّ لا تلبث أن تضمحل في جَيْبك، حتى تختفي تماماً في أقل من ٤٨ ساعة على أبعد تقدير وتفاؤل. ومع ذلك، تسمع كلّ يوم في نشرات الأخبار تصريحات عن متانة الليرة، وتماسك العملة، واستقرار الوضع النقدي! حقاً لا يفهم المواطن شيئاً من هذه الرطانة الاقتصادية، وربما بات لا يعنيه فكّ شيفراتها السياسية. جلّ ما يعرفه ويختبره باحساس يوميّ مثقل بالخيبة والانكسار، أنّ «معاشَه» ما عاد يكفيه طريقَ آخر الشهر، وأنّ الضريبة التي تدفعها «طائفة الأوادم» في هذا البلد، قد بلغت، ومنذ زمن بعيد، حصون الكرامات! وماذا بعد الكرامات؟! 
في علم الاقتصاد، يُسمّى هذا بـ«التضخّم»: الوحش الذي يأكل الثروةَ في الأموال.  في لغة الناس، هو غيابُ البرَكة عن الأشياء. هل أضحيْنا في وطن لا برَكة فيه مطلقاً؛ لا في الاقتصاد، ولا في السياسة، ولا في المجتمع، ولا في الماء والهواء والتراب؟ يُقال أنّ الأرقام لا تكذب. فليُعْلنوا الأرقام إذن! فلعلّنا نجدُ فيها تصالحاً مع أنفسنا، بأننا ما نزال عقلاءَ بالحدّ الأدنى، وأننا لا نتوهّم مآسينا ولا نُفبركها انتقاماً من أحد، وأننا غير مصابين بـ«وسواس قهري» يدفعنا باستمرار إلى الشكوى من الطبقة السياسية وتحميلها أوزارنا. 
فليُعْلنوا أمام الملأ كم هي نِسبُ الفقر، والتضخّم، والبطالة، والديون العامّة، ومصاريف الدولة هنا وهناك، ومداخيلها من هذا وذاك؟ وليتركوا الكلمةَ للأرقام وحدها. وبعد ذلك، ربما نستمع لتبريراتهم السفسطائية. 
وراء الأرقام ثمّة كارثةٌ بحجم وطن. لا ريب. لكنّ الأرقامَ نفسها تُعلن بالفم الملآن، أنّ ضعفَ اللبنانيين على وشك أن ينقلب إلى قوة!


أخبار ذات صلة