بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

15 حزيران 2018 12:24ص كل عام وأنت بخير!

حجم الخط
في العيد يتبادل الناس جملةً صغيرة كنوع من المعايدة الشفهية التي تحمل في طيّاتها مضموناً كبيرا لطالما افتقدوه في حياتهم طوال أيام السنة: «كل عام وأنت بخير». يتذكر واحدنا أو بالأحرى، يُذكّر نفسه ويذكّره الآخرون بأنّ ثمّة خيراً بعد ينبغي رجاؤه. ذلك أنّ معظم اللبنانيين قد نسوا منذ عقود طويلة، بفعل الانسداد العملي والأخلاقي للسياسة في لبنان، كلمة الخير ناهيك عن معناها الحقيقي وأبعادها النفسية والاجتماعية. أن نتمنى الخير لأنفسنا ولعائلتنا ولأقاربنا ولأصدقائنا ولكل من هم حولنا، ولو باللسان فقط (وهذا أضعف الإيمان)، لهو أمر محمود وإيجابي ويبعث الأمل في النفوس والطمأنينة (المفقودة) في القلوب. 
فالخير هو قبل أي شيء آخر، الإيمان بالله ورجاء أنعمه الكثيرة، المنظورة منها وغير المنظورة، والمعدودة وغير المعدودة. والخير هو الطلب الذي لا تنقطع دعواته أبداً، لرحمات الله الواسعة، على الضد من اليأس والقنوط والهمّ. من هنا، تمسّك الناس بهذه الكلمة الصغيرة، كونها جزءاً مكوّنا من إيمانهم الفطري الصحيح، وإصرارهم على افشائها في ما بينهم، في الأعياد والمناسبات السعيدة التي تربطهم بعلاقة وجدانية خاصة بربّهم عقب الطاعات والتقرّبات التي يؤدّونها بكل محبة وصدق وإخلاص. هذا يعني أنّ الاحساس بالخير عند الناس شيء أصيل، وينبع من قرار مكين في نفوسهم قبل أن تشوّهها آفات المجتمع وشروره، بالرغم مما يتعرّض له الناس في حياتهم من شقاء بما كسبته أيدي القائمين على شؤونهم، وما يواجهونه من تحديّات تقصم ظهورهم، وتعكّر صفو معاشهم، وتكدّر مستقبل أولادهم. 
للأسف أن تكون الطبقة السياسة عندنا مصدراً للشرور الكثيرة التي تصيب البلاد والعباد، بالشلل والمرض وتودي بهم في مهالك الصراعات والحروب العبثية، ومع ذلك لا ننسى الخير أبداً. 
 

أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!