بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

25 حزيران 2021 12:00ص لبنان ليس روما!

حجم الخط
وسط تفاقم الأزمات وإعضالها المستمر تتطلّب الحلول الحقّة والجريئة وقفةً مع الذات أو مكاشفةً ومصارحةً تبدأ من أعلى الهرم الضيّق ولا تنتهي عند حدود القاعدة العريضة، تكون غايتها الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة. والناظر في التاريخ يرى بوضوح مثل هذه المآلات التي لا مناص منها كلما أرادت دولة (أو امبراطورية) الاستمرار في الوجود والحفاظ على كيانها. على التغيير سواء أكان طوعياً أم غير ذلك من أشكال التمرّد أو الانقلاب في صفوف السلطة الحاكمة أن يردّ الأمر إلى الدولة بوصفها راعيةً لمصالح الأكثرية من الشعب ولو ظاهريّا في البداية. الثورة نفسها تؤول بعد تخبّط طويل إلى ضرب من الانقلاب وتستقرّ عنده. لكنّه انقلاب يسيّج نفسه بالناس ولو عن طريق الخداع.

عندما تعاظمت ديون الامبراطورية الرومانية بسبب فساد امبراطورها لم يجد هذا الحاكم المغرور بداً من الانقلاب على الفاسدين أمثاله من السياسيين وأعضاء مجلس الشيوخ. وكانت الاستشارة التي غمزها له أحد معاونيه في خضم قلقه لابعاد شبح الإفلاس عن روما هي استئناف محاكمات الخيانة ومن ثم مصادرة أموال وممتلكات كل من تثبت إدانته. بيد أن القطبة المخفية في ذلك هي امتلاك الامبراطور مسبّقا لكامل ملفات المتورطين بالفساد ممهورة باعترافاتهم الصريحة. كان قد احتفظ بها عن سلفه الذي ابتدعها لمثل هذه الأوقات العصيبة. وقد جاء أوانها. مع ذلك لم تكن تلك الخطوة لتنقذ وحدها دولةً غرقت بالفساد والجور مثل روما حيث فرض شح الأموال الطائلة التي هُدرت على مُتع الامبراطور وحياة حاشيته المترفة الضرائب الجائرة على الشعب حتى أصبح اغتيال الامبراطور هو حبل الخلاص الوحيد. وكان ما كان. أنقذت روما نفسها ونجحت في إطالة زمنها.

لا أريد أن أعقد المقارنات السمجة: فلبنان ليس روما. بيد أن الداء نفسه يصيب على السواء أكبر الأجسام وأصغرها. لذلك سأكتفي بتذكرة قرآنية كريمة فيها كل الشفاء لمن أراد حقاً أن يفهم مسار وطنه ومصير شعبه:  يقول الله تعالى {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} الإسراء (16). أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60).


أخبار ذات صلة