«ما بين الحانة والمانة ضاع أمان الوطن يا دانا».. نعم ضياع ليس بعده ضياع على المستوى الإنساني.. ضياع على المستوى السياسي وتناتش وكأنّ الدستور ما عاد سيّد الأحكام.. بعد استفحال عُهُر زعماء الأحزاب الذين فضّلوا مصالحهم على مصلحة الوطن.. والسبب مصادرة القرار السياسي ومراكز الحكم للمحازبين.. وبالأحرى السيطرة والنفوذ واستلاب قرار الشعب؟!
الصورة سوداوية.. ويشتد سوادها على عموم المستويات.. وكأنّ المواطن لا تكفيه سوداوية حياته الحالكة التي أكلت العقول والأجساد وأخرجت من النفير الإنساني قرارات باهتة يُمكن أنْ يستأصل صاحبها من الوجود على يد المحازبين..
إطلالة على الفراغ الرئاسي الذي يعرقل الحياة المعرقلة أصلاً بوجود رئيس أو عدمه.. يبقى الوطن معرّضاً للفراغ وكأنّنا في غابة تكون فيها الغلبة للأقوى.. ما هكذا تكون حياة الشعوب.. ولا هكذا يجب أنْ يُصنّف لبنان بوطن الفراغ السياسي والاجتماعي للوصول إلى سدّة الحكم لشخص يحكم لبنان لصالح لبنان وليس لشرزمة من الأحزاب التي ستأخذنا إلى الهاوية السحيقة.. رغم أنّنا نعيش في دوّامة الهاوية على جميع الصُعُد المصرفية والاقتصادية والطبية والاجتماعية.
هذا الفراغ إلى أين؟
إنّه ضياع ما بعده ضياع في ظل «حوكمة» المصرف المركزي.. وتنفيذ المصارف لمشاريعها ودهقنتها في الضغط على المودع لتركيعه وبذل ماء وجهه بالحاجة.. فعلاً ما عصفت هكذا أزمة اقتصادية بوطن كما هو الحال في وطننا.. أما على صعيد أسعار الدواء فإنّه أصبح ترفاً للمواطن الحصول عليه.. والغذاء أصبح شبه معدوم في ظل سعر صرف الدولار مقابل الليرة حيث يبيع عموم التجّار السلع على سعر 47 ألف ليرة للدولار الواحد؟..
يا غارة الله.. كيف يعيش الموظّف على راتب مُقدّر باللبناني على الحد الأدنى للأجور والذي بات لا يساوي 12 دولاراً في الشهر.. لأنّ أصحاب المؤسّسات الخاصة تاجروا بحياة موظفيهم.. وما شعروا بأنّ مَنْ يعملون في مؤسّساتهم هم مَنْ ينعشونها ويجعلونها صامدة..
المواصلات بلغت أسعارها حدّ الجنون.. والموظف يسير على أقدامه ليصل إلى عمله.. أسأل كيف بإمكانه المسير وهو لم يتقوّت؟.. نحن في لبنان نعيش فاجعة لم تشهدها الإنسانية.. فهل يأتي رئيس يُعيد البنيان؟!