بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

15 تشرين الثاني 2019 12:47ص لغة السلطة أعجمية!

حجم الخط
أفكر في الأجيال الجديدة التي تشكّل عصب الحراك في الشارع اللبناني المنتفض اليوم. طلاب جامعات ومدارس بكامل وعيهم وحماستهم، وشبان وشابات في بداية مشوارهم في الحياة، يخوضون غمار العمل السياسي بمعناه المطلبي الوطني، يرفعون شعارات الثورة والتغيير بواسطة الاحتجاج بجميع أشكاله ضد طبقة سياسية أقلّ ما يقال فيها أنها قد سقطت أخلاقياً. في السلطة القائمة ثمّة من أخذ فرصته الكاملة في فرض إرادته على البلد وجرّه إلى ما جرّه إليه. 

وهناك من تسلّط على الناس طويلاً في معاشهم وفي مستقبلهم حتى استطاع أن يسيطر على لاوعيهم السّحيق. صار خوفهم خوفين: مرة من وجوده الثقيل الذي لا قِبَل للناس من تحمّل رفضه أو الخروج عليه، ومرة ثانية من غيابه تحت حجة زائفة وسامّة في أن لا بديل عنه، وفي أنّ الأمور من بعده ستؤول إلى الأسوأ. لغة أهل السلطة باتت أعجمية بالكامل، لا يفهمها الشباب الثائر الذي يصنع بتحرّكاته اليومية على الأرض لغة خاصة به. فالمطالب لم تعد تقتصر على حقوق معيشية أساسية أكلها الذئب أو سقطت في بئر الفساد، بل تحوّلت هي نفسها إلى إعلان حياة ووجود: أنا أطالب إذن أنا موجود.

صار السؤال لهذه الطبقة الشجعة: لماذا أنتم هنا؟ كم جيلاً عليكم أن تطووا تحت أجنحتكم الجارحة حتى تدركوا أن لكل شيء أجلاً وأن السكوت عن الحق لا يدوم؟ قد يتعثّر الحراك أمامكم وهو يقطع حقول الألغام التي زرعتموها منذ عقود بينكم وبين الناس. قد تُبتر له رجل أو يد وقد يعاني الموت لكنه لن يموت أبداً. ذلك لان شيئاً ما قد حدَثَ بالفعل. شيء لم يعد بمقدور أحد أن يوقف تمدّده الشعبي. شيء سيستمد وقودَه من خيبة الحكام المتغطرسين الذين لم يعد أمامهم من خيار تحت ضغط الشارع المستمر لمحاسبة الفاسدين إلا الانقلاب على أنفسهم بأنفسهم!

أخبار ذات صلة