بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

28 شباط 2020 12:28ص لنكتب عن الأشياء الصغيرة!

حجم الخط
لنكتب إذن عن الأشياء الصغيرة! على الأقل في انتظار «غودو» حكوميّ ما، لا ندري متى وأين سوف يأتي. عن التفاصيل المُنَمْنَمة التي كانت تصنع يوميّاتنا وضاعت ملامحُها في إطار اللوحة الرمادية الكبيرة التي ما تزال ترسمها حتى الآن ريشة ١٧ تشرين الأول من دون أن ندري حقاً أي يدٍ تُمسك بها اليوم. 

كانت الآمال عظيمة في البداية؛ بحجم وطن حقيقي. لكن ما فتئت تتضاءل شيئاً فشيئاً حتى رجعت إلى الأحجام السابقة التي كانت تُثقل على الوطن الصغير وتقصم ظهرَه الضعيف: أحجامُ الطوائف. الكبيرة منها والصغيرة. المحليّة منها والإقليمية. 

وها هي الأزمات تترى أمام أعين الجميع ولا أحد يستطيع أن يجترح حلاً مقبولاً أو أن يسدّ باباً من أبواب الفساد الكثيرة. 

الكلّ بات يجلس في مقاعد المتفرّجين، مهما قرُبَ هذا المقعد من مسرح الأحداث أو بَعُد. فأن تكون في كرسيّ السلطة لا يعني ذلك بالضرورة أنك قادرٌ بنفسك على صنع الحَدَث المناسب في الوقت المناسب. يتطلّب ذلك شروطاً خاصة وصعبة، لم يعد خافياً على أحد من اللبنانيين أنّ طبقة السلطة بأكملها عاجزة بالتجربة واليقين عن امتلاكها. ثقة الناس بالمسؤولين بلغت نقطة الحضيض. بل صاروا يشعرون حقاً بأنهم متروكون لأقدارهم بلا أي حماية أو عون فعلي. 

مجرّد كلام بكلام، يريد أصحابُه أن يحاربوا به بسيوفٍ من خشب، طواحين الفقر مع انهيار الليرة أمام الدولار وتبدد الوعود في لحظات سوداء، وطواحين الموت مع تفشي فيروس الكورونا وتلاشي إجراءات الأمان الصحي في لحظات صفراء.    

أصبحنا كأننا نعيش الوهْمَ بكامل أبعاده المادية والنفسية. وهمٌ على وهم أينما ذهبنا وكيفما اتجهنا. لكن أنّى للحلول أن تأتي على صهوة الخيالات المريضة! 

لنطرد هذا الوهم إذن بالكتابة عن الأشياء الصغيرة!


أخبار ذات صلة