لي صديق ينام دفاعاً عن الإسلام ويصحو دفاعاً عن الإسلام. يأكل ويشرب ويقرأ ويعمل ويحاور ويرافع ويتفلسف ويمارس رياضة المشي كل يوم ساعة واحدة من أجل أن يكون جاهزاً على الدوام جسدياً ونفسياً للاضطلاع بهذه المهمة. وما أكبرها من مهمّة. بيد أن الإخلاص لها والوفاء بمتطلباتها أصبحا عملة نادرة. وأحسب صديقي من هؤلاء الذين لا يزالون يتعاملون بهذه العملة. ربما تختلف معه في تفاصيل كثيرة. لكن ستبهرك سريعاً قدرته على تركك تئنّ من لدغات الافاعي قبل أن يمد لك حبل الخلاص لتصعد معه قمة النظر فترى إلى ما كنت تحرم نفسك منه بين الحفر. نعم ههنا المسألة جليّة في هواء الأعالي المُنعش: ما الذي نمنع أنفسنا عنه وما الذي نسمح لها به؟ هل تسعى نحو القمة ام ترضيك المنخفضات والأراضي الواطئة؟ فإن كنت من الأوائل فعن أي منظر فوق القمة أنت باحث؟ دائما ما كان جواب صديقي بمنأى عن أحول التردّد الجوية والأرضية معاً. فالقمة من كل شيء تقتضي قمة أخرى موازية لها في الحسم. وصديقي الذي اشتُقّ اسمه من الأمر الصعب الذي يتطلب عزيمة وخبرة وذكاء هو حاسم مثل الصخر. سألته مرة ماذا تريد فقال: لا شيء. ثم عاودت عليه السؤال مرة أخرى. فأجاب: كل شيء. صديقي حكيم . قد لا يعطيك الاجابة نفسها مرتين. الا ترى أن قمة الجبل هي كل شيء ولا شي؟. والا ترى ان من يحسم في امر ما كأنه يأخذ كل شيء ويترك كل شيء؟ الحياة نفسها أليس فيها كل شيء ومع ذلك تؤول إلى لاشيء؟ صديقي لا يكذب. لكن الدفاع عن الاسلام اليوم بات كذبتنا الصادقة. نعم كذبتنا الصادقة. كيف ذلك؟ لأننا من حيث نكذب عن مكر يصدق الإسلام عن مكر أخْيَر. يضحك صديقي ضحكة العارف المطمئن!