يُقال أن الموسيقى تساعد على العلاج من المرض، خصوصاً ما بات يُعرف اليوم بأمراض العصر مثل: التوتر والقلق والأرق وحتى الكآبة. ومما لا شك فيه، بأنّ للموسيقى، من خلال خبرتنا العادية بها، تأثيرا كبيراً على المزاج النفسي للإنسان، وهي تُعتبر مصدراً مهماً للمتعة، وللاحساس بالسكينة والهدوء، ما ينعكس بعد فترة وجيزة، في حال المداومة على سماعها بانتظام واعتدال، رضاً نفسياً عن الذات.
هذا التفاعل بين الأنغام الصوتية والشعور الإنساني، بالإضافة إلى ما يسري في الجسد عند الاستسلام لها، من موجات متنوعة تترواح بين الإحساس بالفرح أو الحزن أو حتى القشعريرة والحاجة إلى البكاء أو الرقص، يظل سراً هائلاً بحاجة إلى المزيد من البحث والتقصّي للكشف عنه.
فإذا كانت الموسيقى تقوم أساساً على التناغم والانسجام، وعلى المقادير الدقيقة بين الأصوات التي تُصدرها الآلات الموسيقية على اختلاف أنواعها؛ فإنّ هذا يعني، بأنّ الموسيقى قد توجد في كلّ الأشياء على اتساع هذا الكون الذي نعيش فيه، وإن لم نكن قادرين في حالات كثيرة على تذوّقها بطريقتنا المألوفة. هل نقول: لكلّ شيء موسيقاه الخاصّة التي لا يشاركه فيها أحد. ربما!
أنتقل الآن من حلاوة النغم إلى جحيم النشازات؛ أي حين تكون الأشياء قد حُرمت تماماً من نعمة الموسيقى، وأراني في هذه القفزة غير المحمودة، أفكّر في أحوال البلد وفي الأداء السياسي العام، الذي يُفاقم يوماً بعد يوم، من حجم التحدّيات والمعاناة، بدل أن يخفف منها.
وبرغم الآمال التي يخترعها المواطن اختراعاً، بعد كل محنة، وكل أزمة، وكل كارثة؛ فإنّها سرعان ما تتبدّد وتضيع في شتات الصراعات العبثية. ربما يصح أن نقول بشجاعة: ليس هناك موسيقى في هذا البلد!