جَمَعَتْ ما تيسّر لها من الدمى في صدر السرير.. وراحت تُبلغهُنَّ بأنهّا ستروي لهنّ اليوم.. قصّة عن عروس إسمها «بيروت».. «فجلسن وأنصتن جيداً لأن قصتي جميلة جداً لكنها حزينة أيضاً»..
تلك كانت العبارات التي راحت حبيبتي الصغيرة ترتّلها على مسمع دُماها.. قائلة: «خبّرني بابا إنو في على شط البحر مدينة حلوة كتير.. وهيدي المدينة قد ما هي حلوة كل الناس بغاروا منها.. وكل مرّا لما بتكون عم تحط مكياج بيجي حدا شرير وبشخبط على وجّها»..
وبينما أنا أسمع بتركيز وتمعّن.. إذ بها تقول: «بابا قال إنو هالمدينة إسمها بيروت.. وكل الناس بقولوا إنو بيروت عروس البحر.. وفيها كل الألوان وكل الأعمار.. وهي عروس ما بتنام بتضل فرحانة وبتحب تساعد الدني كلّها.. بس يا حرام كل الناس بيكرهوها لأنّها حلوة كتير»..
وتابعت: «فجأة إجا من شط البحر وحش كبير وفي معو سم بيحرق.. وكب الوحش السم على وجّها لبيروت فاحترق وتشوّه.. وصارت تبكي وتتوجّع.. والعالم «كلن يعني كلن» سمعوا إنو بيروت موجوعة وإجوا يساعدوها.. لأنْ زعلوا على جمالها اللي شوّهه الوحش»..
لم أتمكن من تمالك دمعي الذي تراكض على وجنتي.. فسارعت إليها لأختبر عن لا وعي استيعابها لما تقول.. فسألتها: «يا بابا كيف حفظتي القصة اللي خبّرتك ياها؟!».. أجابتني: «لأنّك يا بابا لما أخدتني مع ماما نشوف الحرب .. (لم أستطع أنْ أخبرها الحقيقة حول وحش الفساد الذي فجّر العنبر 12 في المرفأ.. فكانت الحرب ذريعتي).. شفت كتير إشيا مكسّرة وإزاز (زجاج) على الأرض.. وبيوت مهبّطة وريحة بشعة كتير.. شو عملت بيروت وليه شوّهولا وجّها؟.. هي بيروت إنتَ كنت تاخدني لإلعب هونيك.. يعني حرام بيروت يعملوا فيها هيك.. مش إنتَ قلت إنو بيروت عروس.. طيّب في حدا بحب الله بشوّه العروس.. ليه شوّهوا العروس؟!»..
فلم أعرف بما أُجيب سوى ببعض من الدمع!!