بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

24 تشرين الثاني 2017 12:32ص محتالون باسم الإنسانية!

حجم الخط
إذا كان للاحتيال ألف صورة ووجه، فإنّ له في النفس طعمةً واحدةً هي: الخيبة. وغالباً ما تكون شديدةَ المرارة عند من يقعُ في براثن الاحتيال، حين يتلبّس هذا الأخير قناع الإنسانية والرحمة. فهل علينا أن نحترسَ من مشاعر التعاطف مع أوجاع الآخرين وآلامهم؟! وهل ينبغي أن نفوت دموعَهم من دون أن نمدّ يدنا لنمسح ولو قطرة واحدة، ما دمنا قادرين على ذلك؟! بالتأكيد لا. فالخير يبقى هو الخير، لا يضيع أجره عند الله أبداً، حتى ولو وضعناه، من غير أن نعلم، عند من ليسوا أهلاً له.
حكايتنا عن واحد من هؤلاء المحتالين باسم الإنسانية، وما أكثرهم اليوم بيننا، تراهم يضربون خيوط المسْكنة من حولهم، كما تنسجُ العنكبوت بيتها لتوقع بفرائسها الغافلة. ويذرفون، كالتماسيح البارعة بالزيف والخداع، دموعاً باردةً ليستدرجوا بها عطف الناس واهتمامهم. كلّ صفات الحيوانات الماكرة قد تجسّدت بهم، حتى لم يبقَ لهم من إنسانيتهم غير جلود باهتة.
الهاتف يرنّ.. ووراء كل مكالمة مصيبة، يحبس ألمها في صوته المرتجف، ويتجرّع مرّها بنظرات غشّاها الدمع. الصبيّة تسمع وترى، ويكاد قلبها ينفطر حزناً. تدخلّت بغير طلب منه، هو المُحترف فن الاحتيال الصامت، القابض على مقود سيارة الإجرة، برباطة جأش مُصطنعة. هالها الأمر، ضجّت الرحمة في كيانها. استفسرت عن أحواله ومآله. طفلة تحت مقصلة المستشفى، إما العمى أو ثمن القرنية.. والعملية كالقطار الذي لا ينتظر أحداً. هل الرحمة ضربٌ من السذاجة؟! وكيف إذا بدا المحتاجُ مستعففاً؟ ناولته الصبيّة مبلغاً من المال، بعدما قمعت شكوكها. أخذه عن استحياء وانكسار. فرحت بما قدّمت، وفي المساء قرأت خيبتها المرّة في بوست لصديقتها على «فيس بوك»: احذروا هذا المحتال!
 
 
أخبار ذات صلة
أزمة وجود
20 نيسان 2024 أزمة وجود
ما حدا تعلّم!
17 نيسان 2024 ما حدا تعلّم!