بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

5 شباط 2021 12:00ص موتنا أعلى من حياتكم!

حجم الخط
سنقول أنّ الدولة ليست بدولة. حسنٌ، هذا جدّ معروف لا يختلف عليه اثنان حتى من بين أصحاب الدولة أنفسهم. ما الجديد إذاً؟ لا شيء جديداً في الخط العريض. 

الخطوط الصغيرة وحدها ربما تحمل إلينا، بما تتلوّن به من تفاصيل، جديدَها، وتجرّنا معها إلى أكثر المتاهات وضوحاً في هذا الشرق. شيء يُشبه انهيار مبنى عظيم أمامك: الفكرة تبقى صامدة في رأسك (الانهيار) بينما عيناك تتضرّجان بالمشاهد المُتعدّدة والمُتتابعة للسقوط المروّع. 

وعلى ذكر السقوط، قيلَ أنّ عالم الفيزياء الشهير نيوتن قد سقطت فوق رأسه تفاحةٌ من شجرة كان يستريح في فيئها، فكان ردُّ فعله، على ما يُمكن أن يوقعه في سخرية الخادمة من الفيلسوف الذي كان يتأمل السماء في سَيْره فسقط في الحفرة، أن عضَّ بالنواجذ على الجاذبية وترك التفاحة سليمةً إلى جانبه. فقد يُفجّر السقوط أحياناً العبقرية حين يرتطم برأس حقيقي. على المقلب اللبناني، لم يبقَ شيء لم يسقط بعد فوق رؤوسنا، وما من نتيجة وما من فكرة، بل عجز عن التفكير، وشهوة دائمة لحَجْب الشهوة. تعب السقوط وما تعبت الرؤوس ولا أينعت ولا رفعت هاماتها. 

قَضْمُ التفاحة أولوية، ولتذْهب الجاذبية في ألف داهية. فأيّ غلطة أن نكتشف الجاذبية بيننا؟ دعْ التنافر سيّدَ الكائنات اللبنانية غير المتحدة، ولتقذفنا كل القوى المركزية الطاردة في العالم إلى أبعد المجرّات في أنفسنا. تَعُدُّ الشعوب الأخرى النجوم المُضيئة في السماء الصافية، بينما نُحصي نحن عددَ الكراسي المُظلمة تحت الأرض. فثمّة من يريدون منا أن ننزل جميعاً تحت الأرض ليبيعوا هم الضوء ويغلّفوا النهار بآيات جلالهم. ستبنون لنا أهراماً عظيمة يقولون في جهرهم وسرِّهم. أهرام من كل نوع: هرمٌ من خوفكم وصمتكم. هرمٌ من جوعكم وعوزكم. هرمٌ من أموالكم وودائعكم. هرمٌ من أعماركم وأولادكم. وعندما نرحل ستظل شاهدةً على مأساتكم الكبرى، بأنّ موتنا أعلى من حياتكم!   




أخبار ذات صلة