بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

24 تشرين الثاني 2021 12:00ص «موتوا عالسكت»

حجم الخط
 تقف جارتي مكتوفة الايدي أمام أَنِين طفلتها، لا تملك لتخفيف أوجاعها سوى الدعاء، وبعض الطرق التقليدية لخفض حرارتها المرتفعة، وسعالها الدائم، فسعر دواء خافض الحرارة أغلى من يومية والدها، هذه حالة من حالات كثيرة يتألم أصحابها بصمت بعد رفع الدعم عن الادوية، والتي باتت رفاهية استخدامها حكراً على الأغنياء فقط، أما الفقير فيتوجّب عليه «الموت على السكت»، كي لا يُزعج أحداً في بلاد استقلّت الدولة عن شعبها ووجعه ومطالبه.

 «موتوا عالسكت.. وبكرا الكل بيتعوّد»، خلاصة أدركها الحاكم على ودائعنا وأموالنا منذ بداية الأزمة التي تعصف بلبنان، وكذلك المسؤولون عن تأمين جميع احتياجاتنا، ولكن العلّة ليست فيهم، بل بشعب رغم الذل والفقر والجوع وهجرة فلذات أكباده، لم يخرج منه واحداً شاهراً سيفه بوجه الظلم.

 لقد باتت غالبية اللبنانيين أمواتاً بانتظار تحضير مراسم الدفن، أي مستقبل سنفكّر فيه ونحن نلهث وراء تأمين لقمة العيش والدواء، أي أحلام سنسعى إلى تحقيقها، وذروة أحلامنا أصبحت أن تأتي الكهرباء ساعة في اليوم، أو «يتحنّن» صاحب مولّد الكهرباء على المشتركين ويلتزم بتركيب العدادات والفاتورة الرسمية.

 عن أي غدٍ يمكن أنْ نتحدّث، ورجل في العقد الرابع من عمره، لا يستطيع زيارة والدته المُسنّة التي تسكن في الجنوب إلا مرّة واحدة في الشهر بسبب غلاء البنزين، بعدما كان مع نهاية كل أسبوع يذهب إليها مُحمّلاً بكل ما لذَّ وطاب، فهو المُعيل الوحيد لها ولشقيقته الصغرى.

 «موتوا عالسكت»، ولا تُسمِعوهم أصواتكم إلا في صناديق الاقتراع، لأنّكم لستم سوى أرقاماً في حسابات أهل السلطة، ولن تتغيّروا مهما عصفت بكم الأزمات.




أخبار ذات صلة