لا أدري لماذا اختفت عجقة الشعب اللبناني في الشهر الميلادي.. وكأنّ الشهور والأعياد المميّزة أصبح الاحتفال فيها محدوداً في النفوس.. لكن في عز زمن الآلام والقهر الاجتماعي علينا الفرح وليس تصنّعه في ذكرى شهر ميلاد السيد المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام..
السياسيون يعيشون في ملكوتهم.. يتناتشون في السياسة على منصب رئاسة الجمهورية.. والمرشّحون يحاولون ملكاً لكسب الرضى والمجتمع الدولي يضغط ليأتي برئيس جامع ولا يكون لصالح فئة علی فئة حتى لا يكون عهده كما العهد المأفون الذي لم يشهد له مثيل في لبنان منذ الاستقلال..
النهّابون مشغولون بمصالحهم .. والشعب من كل الطوائف يعضُّ النواجز علی الحجر من جوعه وعوزه وقلّة حيلته.. المحلات فارغة من المتسوّقين للأعياد.. كما المحلات الغذائية التي يأتي إليها المستهلك ليشتري أكثر الضروريات حسب إمكانياته المحدودة والمقطّرة..
الناس تشكو وجعها لخالقها وتتوقّف عن شراء الدواء.. والمرضى يواجهون في بيوتهم ربّاً كريماً.. طالبين منه الشفاء أو موتة سريعة حتى لا يشعرون بآلام المرض والداء؟!
ما عادت للمواطن أي إمكانية لشراء ولو حتى كبريتة مع ارتفاع سعر الدولار الجنوني والذي بشرونا بأنّه من اليوم وحتى أوائل شهر شباط/ فبراير سيصل إلی 70 ألف ليرة للدولار الواحد.. نعم نحن في محنة سفر برلك مُخفية.. أعنّا يا الله على اجتيازها وخفّف عنّا ضنك الأيام.. أنت المغيث من درك الأيام؟!
ما أنْ أضطرُّ للخروج لقضاء حاجة.. حتى تخلق في داخلي الوجوه الواجمة التي ترتسم عليها مآسي الأيام.. وفي طريق ذهابي إلى العمل والعودة منه حكايات وحكايات.. كل حكاية وجه تحتاج إلى أبحاث نفسية عن الحالة التي نعيشها.. ولو بحثنا فيها مع الاجتماعيين لوجدنا المشاكل الإنسانية تعقّدت لدرجة يصعب لها الحل..
أتأمل أكثر من رحلة خروج.. ما هو الألم الذي يعتصرني على مجتمع كان فرحاً.. مبتسماً مُقبِلاً على الحياة رغم كل الظروف.. لكن التحوّلات التي عشنا خلالها جائحة كورونا.. تفجير المرفأ.. سرقة السياسيين للمال العام وتشحيد الناس.. خلقت حالة من الهلع في العقول والقلوب لا يمكن نزعها إلا بأمر إلهي.. آه لبنان؟!