«وفي عز الكلام.. سكت الكلام» وتحوّلت الأقوال إلى أفعال.. وشاءت المشيئة أن تتحقق العودة إلى الديار.. بعيداً عن النزوح من مسقط الرأس.. والهجرة داخل الوطن إلى حيث لا وطن.. فها هي الروح تتأهّب لتنسّم «هوى بيروت».. ولو كان ممهوراً بدماء الشهداء وآلام الجرحى ودموع الثكالى.. إلا أنّها تبقى بيروت العروس التي لا تغيب عن ليلها الشموس.. فتسطع نوراً ولو كانت في منتصف الليل..
هي بيروت التي تهجّرت الأحلام إلى خارج ساحاتها.. واليوم تتحضّر لتعود منعّمة بنفخ الروح في الجسد الميت.. فيعود ذاك الفتى الراكض على أرصفة الشوارع البيروتية.. أو ذاك الشاب الذي أحب وعشق وسهر الليالي بين شمس بيروت وقمرها.. واليوم ها هو رجل وأب ورب أسرة يستعيد الحلم في دياره الأولى مع طفلتيه..
هي مدينتي وبيروتي وعروسي وسيدتي وتاجي ومسقط رأسي.. هي الهواء الذي غاب عن جسدي حضوراً.. فتنسّمته ألماً وشوقاً رغم البُعاد.. واليوم فيما تتهيّأ الخطوات لتستأنف مواطئ القدم السير في مرتعها الأول.. تسأل الغد هل ستكون مُشرقاً؟!.. أم ستحمل من الويل أعمقه وأحمقه؟!
بيروت يا ست الدنيا.. بيروت يا معشوقة الروح.. غاب عنك الكيان سنوات قلائل.. فتوقف تدفّق الدماء عن القلب.. وغابت العين عن النظر.. وتاهت الأفكار في دنيا اللاوعي.. فسرق الألم عريسك الحالم بصباحات «فيروز ووديع وفيلمون ونصري».. وتحوّل الليل إلى ساعات للخوف من نور قد لا يُبصِر.. حتى هلّ هلال العودة إلى حضنك الدافئ..
انبعث الأمل وخرج الفينيق من تحت الرماد.. 7 سنوات «حلّها بقى».. حتى تجلّى مهرك بثمن شارف على اختزال العمر.. لكنك غالية و«يرخصلك العمر» بسنواته كلّها.. فكيف إذا كانت العودة للقياك.. و«إي في أمل لأنّنا سنرجع يوماً.. وها نحن راجعون»..